رائد تربوي آخر قضي بعد أن أدى واجبه على أحسن حال.. قضى وهو يرفع شعار التعليم كأداة وحيدة للتنمية التي رأى بأم عينيه كيف كانت بداياتها وحالها مع بزوغ فجر نهضتها خلال الربع الأول من القرن الثالث عشر الهجري الماضي.. حيث لا مظاهر لحياة الرفاه المعاصرة إلا القليل القليل.. وإلا عزم الأفذاذ الذين قادهم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بعبقريته لتوحيد بلادنا الشاسعة.. كتبت عن الشيخ عبدالله أول ما كتبت سنة 1404ه كرائد تربوي بارز ولم أكن أعلم وقتها أنني سأعود للكتابة عنه مرة أخرى.. لكن وقع المفاجأة في وفاته هو الذي دفعني الآن للكتابة عنه - رحمه الله -.. بعد أن أخبرني عن فقده الأخ الأديب والعلم البارز الأستاذ حمد بن دعيج الدعيج عضو مجلس الشورى وهو يزورني في داري بجدة. ولقد حزنت على فقده يعلم الله أشد الحزن.. لأنه أستاذنا أولاً ولأني تعودت أداء حق أستاذيته عندما كنت أعمل في وزارة المعارف.. عبر زيارات كثيرة له في مكتبه مع زملائه موجهي اللغة العربية والتربية الإسلامية.. ولطالما سألت عنه الأخ الأستاذ عبدالرحمن بن محمد الشويعر وكيل الوزارة وقتها.. لاطمئن عليه.. وعمله في توجيه علوم اللغة العربية، والذي أتاح له فرصة نادرة للتجوال على مناطق التعليم في كل أنحاء المملكة الواسعة.. ونشر خبرته وعلمه الغزير على معلميها في مجال تخصصه. ولد شيخنا عبدالله بن محمد بن فهد الزوم في شقراء في منطقة الوشم وسط جزيرة العرب في سنة 1333ه وتعلم في الكتاتيب وفي حلقات العلم وفي أروقة المساجد على يد العديد من المشائخ لتعذر وجود التعليم العصري بمفهوم اليوم، ومنهم الشيخ عبدالرحمن بن علي بن عودان، وبدأ الخدمة إماماً وخطيباً لجامع شقراء.. إلى جانب عمله في هيئة الأمر بالمعروف وذلك بين عامي 1359-1368ه.. وفي عام 1369ه انتقل للعمل التربوي مديراً لمدرسة مدينة مرات الابتدائية حتى نهاية عام 1378ه.. وقد تخرج على يديه مع زملائه الأساتذة عبدالله بن عبدالكريم، وعبدالعزيز العيفان، وإبراهيم بن عبدالكريم، وعبدالعزيز بن مرزوق العبداللطيف، وعبدالرحمن الحماد، ومحمد الجماز، وعبدالله الجماز، وعبدالرحمن بن سليمان الجماز ثم الأستاذ محمد بن جاسر.. جيل كامل يدينون له بالفضل على ما قدموه لهم من جهد مخلص مكنهم من النجاح في حياتهم العملية.. وقد عرف الشيخ الزوم في إدارته وعلمه بالحزم والحكمة والمعاملة الأبوية لتلاميذه.. انتقل في عام 1378ه إلى وزارة المعارف بمدينة الرياض ليعمل موجهاً عاماً للتربية الإسلامية في جميع المراحل.. وانتهت خدماته المباركة في 1/7/1398ه بعد عطاء دام سبعة وثلاثين عاماً.. وقد توفي - رحمه الله - بمدينة الرياض يوم الجمعة 14/11/1426ه عن عمر قارب المائة سنة.. ودفن بمقبرة النسيم وسط حشد من أقربائه ومحبيه وتلاميذه الأوفياء منهم الأستاذ حمد بن دعيج الدعيج، والأستاذ إبراهيم بن عبدالله الناصر، واللواء الدكتور عبدالله بن إبراهيم الدايل، والأستاذ حمد بن عبدالعزيز الدعيج، والأستاذ عبدالمجيد بن حمد الدعيج.. عزاؤنا الحار لأولاده.. المهندس عبدالرحمن بن عبدالله الزوم، والدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الزوم، والطبيب الاستشاري الدكتور محمد بن عبدالله الزوم، والأستاذ خالد بن عبدالله الزوم، والأستاذ أحمد بن عبدالله الزوم، والدكتورة إبتسام بنت عبدالله الزوم وأخواتها ولجميع محبيه وتلاميذه.. * مدير عام التعليم بالمنطقة الغربية سابقاً