في الحروب المتبادلة بين السوفيات، وحلف الأطلسي، كان وصول أي شخصية يسارية، ولو كانت مدعومة من اليمين، يعني تخطي الخط الأحمر، ليكون رد الفعل خلق توتر لتلك السلطة للتخلص منها بأي أسلوب حتى لا يتحقق لليسار قوة ضغط على مناطق النفوذ الغربية.. التسابق على امتلاك المواد الأولية للمصانع الأوروبية، قاد لاستعمار معظم دول العالم، وعندما برز نفوذ النفط، أُطيح بحكومات في أمريكا الجنوبية، والعراق، وإيران، ووصلت إلى اندونيسيا وبلدان أفريقية أخرى.. ظلت سلطات دول العالم ميداناً لمعركة كسر الضلوع، لأن أي حكومة جاءت بانتخاب نصف ديمقراطي، أو انقلاب عسكري، تأخذ في حسابها عقد صفقات تجارية تحت مظلة الشروط الأيدلوجية الضاغطة، وكانت خسائر تلك الشعوب من أي منتج طبيعي أو صناعي يقيّد لحساب التسلح، أو دعم القوى الدولية الأخرى من أجل كسب الحلفاء، والرفاق، أو الأصدقاء هائلة وكبيرة سببت استنزافاً لتلك الموارد.. وبانحسار اليسار، وخروجه من المعادلة الدولية، تحول الجدل إلى الحكومات والمنظمات الراديكالية الإسلامية، أو من تتعاطف معها، ولأن وصول أي نمط من هذه الفئات لمركز حساس، ولو كان منظمة خيرية بعيدة عن الصفقات السرية، والأدلجة الغامضة، يلاحق بالاتهامات التي تنتهي بالمطاردة، أو إغلاق نشاطاتها، والتعميم على منعها دولياً.. الإحصاءات الدولية تصنّف العراق على أنه القوة الثانية نفطياً في الاحتياطيات الهائلة، بعد المملكة، وأن إيران تأتي في الترتيب الثالث لهذه القائمة، وهنا تتالت الاهتمامات بشأن البلدين المتلاصقين حدودياً، والمتلاحمين طائفياً، وحتى لا نصل إلى استنتاجات تقودنا للتقدير الخاطئ، فالبلدان أقرب إلى التحالف الطائفي على اعتبار أن شيعة العراق هم القوة الأساسية، فهل هناك ترتيبات تجري من خلف الستار، ومن خلال نفوذ عالمي، لأن يتحول الجنوب إلى فضاء مفتوح لإيران، مقابل التنازل عن مشروعها النووي، وعقد صفقات أخرى مع الدول التي لا تزال في عداء معها؟.. الانتخابات في العراق شملها اتهام كثير من الأجنحة والفصائل، وهناك من دوّن حوادث بتدخل إيراني من خلال عراقيين بإضافة قوائم عديدة للشيعة، وأنه تم استعادة العرب من هناك، وإعطاؤهم بطاقة مواطنة لتضيف لتلك الأعداد دعماً جديداً، وطالما الموضوع مجرد اتهامات متبادلة، فهل أمريكا بالفعل، ضالعة بهذا التلاحم باعتبار أن التيارات الإسلامية هي القوة المنفردة في العالم الإسلامي، وخاصة العربي، وأن الالتفاف على إيران يمكن أن يعيد سيرة التحالف القديم مع الشاه، وربما بانسجام أكثر؟.. هي توقعات فقط لكن لا توجد قوانين تحد من تخاطب أي قوة عظمى أعداءها، ويكفي أن خط الهاتف الأحمر بين السوفيات وأمريكا كان لهذه الغاية، فهل تعاد خطوط مقطوعة أخرى؟..