وسط تظاهرات واجراءات أمنية مشددة، وحضور اعلامي كثيف، أسدلت محكمة جنايات القاهرة أمس الستار، على واحدة من أكثر القضايا اثارة للجدل في مصر وقضت بمعاقبة الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد المعارض بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات في قضية تزوير توكيلات حزب الغد.وقضت المحكمة بمعاقبة كل من اسماعيل زكريا مدير مكتب نور، وايمن اسماعيل الموظف بالمكتب بالسجن المشدد خمس سنوات لكل منهما، كما قضت بمعاقبة كل من المتهمين لطفي الشناوي واحمد عبد الشافي الغرياني وميرفت صابر السيد بالسجن المشدد 3 سنوات لكل منهم، والمتهم «الهارب» فرج شديد عبد الحميد بالسجن المشدد 10 سنوات.كما قضت المحكمة باحالة الدعوى المدنية المقامة من المتهمة ميرفت صابر السيد ضد ايمن نور، والتي طالبت فيها بتعويض مليون جنيه الى محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية. واستندت المحكمة في حيثيات حكمها الذي اصدرته برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة، وهو نفسه القاضي الذي سبق له الفصل في قضية الدكتور سعد الدين ابراهيم رئيس مركز بن خلدون، الى ان المحكمة احاطت بالدعوى في سائر مناحيها عن بصر وبصيرة وألمت بكافة الدفوع التي ابداها المتهمون وبالمذكرات والمستندات المقدمة من دفاعهم في هذا الصدد وانتهت في قضائها الى رفض جميع دفوع المتهمين الشكلية وتزوير محررات رسمية وجميعها جرائم انتظمها قانون العقوبات، ومن ثم فقد كان تناول المحكمة بالدعوى وتمحيصها الادلة فيها يدور في اطار إعمال القانون ونفاذ احكامه بشأن هذه الجرائم لا يداخلها في ذلك ثمة ما يحيد فيها عن هذا المنهج.وقالت المحكمة انها ترى في سعي ايمن نور نحو توصيف الجريمة المسندة اليه بانها جريمة سياسية سبيلا مفضوحا يرمي من ورائه الى التشبث بمؤسسات الدولة وكبار مسؤوليها بغية الافلات من المساءلة عما اقترفه من جرائم وعليه لم تكن المحكمة لتقبل من نور اصباغه صبغة السياسة على الدعوى ولم تكن لتسايره فيما التزمه من دفاع على هذا النحو لما من شأنه المساس باصول العمل القضائي الذي يتقيد بحكم القانون وحده وتعريفاته. واكدت المحكمة انها لا تساير نور في دفاعه من ان التوكيلات المزورة قد دست عليه بمعرفة جهات معينة بقصد النيل منه بعد ان تم ضبط صور تلك التوكيلات بمسكنه وفي حوزته مما يؤكد عدم دسها عليها وعلمه اليقيني بواقعة التزوير علاوة على صدور اوامره لمساعديه بمكتبه بالتخلص من اية اوراق او توكيلات خاصة بالحزب والمحفوظة بمكتبه ولو كانت تلك المستندات صحيحة ماكان في حاجة لاصدار مثل هذه التوكيلات.ونوهت المحكمة الى ان لجنة شؤون الاحزاب السياسية بمجلس الشورى لو كانت علمت بتزوير تلك المستندات قبل صدور موافقتها بتأسيس حزب الغد ربما كان لها رأي آخر.ويحق لأيمن نور استئناف الحكم من داخل سجنه واذا تم تأييد الحكم في الاستئناف يحق له التقاضي على درجة أعلى وهي النقض. وكان عشرات من أنصار نور تظاهروا يومي الخميس والجمعة مطالبين بإطلاق سراحه، ثم اعتصموا في مقر الحزب بوسط القاهرة حتى جلسة النطق بالحكم أمس.ورأى مراقبون في القاهرة أن هذا الحكم وضع نهاية مبكرة لمشوار المعارض المصري الأبرز، الذي كان حل ثانيا في انتخابات رئاسة الجمهورية في سبتمبر الماضي، حيث أدين في جريمة مخلة بالشرف، وهو مايمنعه بعد ذلك من خوض انتخابات البرلمان أو الرئاسة.الى ذلك وصف بيان عاجل لحزب الغد الحكم الذي صدر بحق رئيس الحزب ايمن نور بالسجن خمس سنوات بتهمة التزوير في أوراق تأسيس الحزب بانه لم يكن مفاجئا أو غير متوقع مضيفا ان المحكمة موجهة سياسيا «على حد قول البيان».وأضاف الحزب أن الحكومة المصرية تستهدف تحطيم نور والقضاء على المستقبل السياسي لرئيسه «باعتباره المنافس الاول لرئيس الحزب الوطني (الديمقراطي) الحاكم.وكان نور عقب انتهاء القاضي من النطق بالحكم قد هتف مع زوجته المذيعة التليفزيونية جميلة اسماعيل ومساعدته في الحزب «يسقط يسقط حسني مبارك». وخارج المحكمة تظاهر نحو مئة من أنصار نور ورددوا هتافات معادية للحكومة كما هتفوا بسقوط مبارك.وألقى شبان حجارة وقطعا من الخشب على قوات مكافحة الشغب التي أحاطت بمبنى المحكمة في حي مدينة نصر بشرق القاهرة من جميع الجوانب. الى ذلك شهد مقر مكتب الدكتور ايمن نور الواقع بوسط القاهرة اعدادا كبيرة من قوات الامن المصرية لمنع التظاهرة الحاشدة التي اندلعت عقب اعلان النطق بالحكم من مؤيدي نور.وكان قد القي القبض على أيمن نور بتهمة تزوير التوكيلات الخاصة بتأسيس حزب «الغد» في يناير الماضي بعد رفع الحصانة عنه واستمر حبسه ستة أسابيع قبل أن تطلق سراحه، وعقب الافراج عنه اعلن نور عن ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة المصرية وبدا المنافس الوحيد لمبارك.