يبدو أن معالي الدكتور محمد صالح بنتن رئيس المؤسسة العامة للبريد يؤمن بأن الصمت في الوقت الراهن أفضل من الرد على الانتقادات التي توجه لجهازه الإداري وقد يعود ذلك لرغبته في أن تأخذ الخطوات التي اتخذتها المؤسسة الوقت الكافي حتى تصبح واقعاً يمكن أن يتحدث عن نفسه وهذا إن صدقت المشاريع التي تنفذها المؤسسة. ونحن نشعر وإن كان ذلك ببطء أن البريد السعودي قد يكون مقبلاً على نقلة نوعية لم تتضح معالمها الكاملة بعد، فخدمة البريد الواصل إلى عناوين المكاتب والمنازل بدء بتنفيذها في مدينة الرياض وكما يقال أنها ستطبق قريباً في منطقة مكةالمكرمة ويجري الحديث عن تقديم خدمة الحوالات المالية البريدية في تجربة شبيهة للموجودة في مصر، وجميع هذه الخطوات هامة في تطوير أداء البريد يجب أن يتم الإسراع في تنفيذها فشكوى مستخدمي الخدمة في الوقت الراهن متزايدة، كما أن هذه الخطوات الهامة تدخل ضمن نطاق المعادلة الهامة في عملية التحول الكامل لمؤسسة البريد إلى مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية ومالية مستقلة وهذا يتطلب توفير ميزانية ذاتية تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات ريال وبالتالي التسريع بعملة الخصخصة الكاملة لجهاز البريد وطرح أسهمه للاكتتاب العام في خطوة مشابهة لعملية قيام شركة الاتصالات السعودية. وتتطلب عملية الانتقال هذه نوع من التضحيات وخاصة من قبل الشركات الكبرى حيث أن البريد السعودي يرى في خطوته في رفع قيمة الاشتراك السنوي للشركات إلى ألف ريال عملية تصحيح لأن الشركة تتلقى آلاف الرسائل سنوياً وقيمة الاشتراك السابق (100ريال) لا توازي حجم عمليات الفرز والخدمة المقدمة للرسائل في حين أن البريد أبقى اشتراك الأفراد كما هو في السابق بشرط أن يعنون البريد المرسل إلى الصندوق باسم صاحبه أو أن يكتب أن الرسالة تصل إلى (فلان) بواسطة صاحب الصندوق. وفي موازاة مرحلة الاعتماد على الذات التي يبحث البريد السعودي تحقيقها في أقرب وقت ممكن فهو يعمل على تخفيض تكاليف التشغيل بقدر الإمكان وقد اتخذ خطوة هامة في هذا الاتجاه عندما تملك نسبة 51٪ من شركة «ناقل » وتطبيق خدمة قراءة العناوين إلكترونياً في نفس الوقت بدأ موظفو البريد يشعرون أن هناك خطوات نحو تحسين أجورهم عن طريق مبدأ التحفيز الذي عرف به رئيس المؤسسة. ورغم كل هذه الجهود فإن الشكوى لا تزال قائمة من ضياع الرسائل وبطء البريد الممتاز في نقل الرسائل بنفس كفاءة الشركات الأخرى التي تقدم نفس الخدمة، وقد يتطلب ذلك في المرحلة المقبلة تطوير القوى البشرية وتأهيلها وتحسين مدا خيلها الشهرية الثابتة وصرف الحوافز لها ليكون كل موظف في البريد السعودي متهيئ بشكل تام لتقديم أفضل خدمة وتعاملهم بأرقى أسلوب مع مستخدمي وسائط هذه الجهاز الحيوي الهام.