في عملية نوعية تكشف إصرار السلطات الأمنية في الجزائر على مكافحة الإرهاب واجتثات بقاياه وفي إطار الحرب التي أعلنتها الجهات الأمنية على شبكات دعم الإرهاب وتمويله، تم نهاية الأسبوع بالجزائر تفكيك شبكة تتكون من 70 شخصا أغلبهم عاطلون عن العمل، تورطوا في تدعيم تنظيمات متشددة مقابل مبالغ مالية خيالية. وحسب مصدر قضائي على صلة بالموضوع، فإن التهم الموجهة للموقوفين تتمثل في «الانخراط في جماعة إرهابية تعمل على زرع الرعب في أوساط المواطنين» و«وضع المتفجرات في الأماكن العمومية»، ولقد تورط الموقوفون في الانتماء لأربع خلايا داعمة للإرهاب، درجوا مثلما تفيد التقارير الأمنية التي توجت بها تحقيقات المصالح المختصة، على إمداد وتزويد المسلحين بكافة التفاصيل المتعلقة بتمركز وتحركات أفراد القوات النظامية من جيش ودرك وشرطة، بغرض تسهيل نصب الكمائن لاغتيالهم، وكشفت التحقيقات الأمنية أن الهجمات التي شنّها المسلحون مؤخرا وأدت إلى مقتل العشرات من عناصر الأمن، وقعت ل «قيمة المعطيات» التي حصل عليها منفذّوها من أشخاص يسمح لهم بمتابعة تحركات العسكر، فضلا عن تمكن الموقوفين من دخول مقرات الدرك الوطني ومراكز الشرطة . وحسب مصدر أمني مطلع فإن التحقيق المعمق الذي باشرته المصالح المختصة قبل أكثر من ستة أشهر، كشف عن احتراف الموقوفين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 23 و45 سنة، دعم التنظيمات المسلحة منذ فترة ليست بالقصيرة مقابل مبالغ مالية يلبون بها احتياجاتهم اليومية، قبل أن يتم الإيقاع بهم في الثلث الأخير من العام الجاري، وأكد المصدر الأمني صلة القرابة التي تربط كثيرا من المعتقلين مع أفراد ما يعرف بسريتي «الفتح» و«الأرقم» الرافضين لأي توبة، علما أنّه جرى تفكيك هذه الخلايا، بعد متابعة المشتبه بهم الذين ظلوا يتحركون على المحور الشرقي للعاصمة الجزائرية، سيما ولايات بومرداس والبويرة وتيزي وزو وبجاية، التي اشتهرت بكونها معقلا لتنظيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي يتزعمها «دروكدال عبد المالك» المدعو «أبو مصعب عبد الودود». وتأتي العملية الأمنية النوعية، في وقت تستعد الجزائر لاحتضان مؤتمر عربي لمكافحة الإرهاب منتصف العام 2006، تحت إشراف جامعة الدول العربية، وحسب الوزير الجزائري للتضامن الاجتماعي، الذي شارك مؤخرا في لقاء وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، الذي انعقد بالقاهرة وناقش دور المجتمع المدني في التصدي للإرهاب باعتباره أحد معوقات التنمية في البلدان العربية، فإن المؤتمر الذي ستحتضنه الجزائر سيتناول إيجاد الآليات الفعالة لتعبئة المجتمع المدني ومنظماته للتصدي لظاهرة الإرهاب، ودعا جمال ولد عباس في تصريح للإذاعة الرسمية، إلى وضع تعريف دقيق للإرهاب والتفريق بينه وبين حق الشعوب المشروع في مقاومة الاحتلال . وأشار المسؤول الجزائري أن الإرهاب في الجزائر تم دحره بفضل تعبئة ومقاومة المجتمع المدني، في إشارة إلى الجمعيات المهنية والتنظيمات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي التي لعبت دورا هاما في مقاومة الإرهاب والتحسيس بخطورته منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة في التسعينيات. وأضاف الوزير وأوضح الوزير ان قوات الأمن الجزائرية بمختلف أصنافها كانت العمود الفقري في استراتيجية مكافحة الإرهاب، لكن مؤسسات المجتمع المدني لم تدخر، هي الأخرى أي جهد في دحر هذه الظاهرة ومواجهة أفكارها الهدامة على حد قوله.