قبل عامين تقريباً زرت ماليزيا مع الأطفال.. وأثناء سفرنا من كوالالمبور إلى منطقة جميلة (تدعى مرتفعات كاميرون) توقفنا لساعات في مدينة صناعية تدعى إبوة (Ipoh). وحين دخلنا المدينة خطر ببالي فجأة البحث عن رجل صيني مشهور يدعى كون لي يون. وفي البداية سألت عنه سائق التاكسي الذي عرفه - ولكنه لا يعرف كيفية الوصول إليه - فطلبت منه الذهاب إلى المكتب السياحي الذي امتعض من هذا السؤال وأنكر وجود هذا الشخص تماماً!! .. والقصة - من أولها - بدأت قبل سفري بشهرين حين شاهدت على قناة ديسكفري برنامجاً رائعاً يدعى أغرب الرجال في العالم. وتضمن البرنامج استعراضاً لمواهب بشرية غريبة عجز العلم عن تفسيرها حتى اليوم؛ فهناك مثلاً رجل من لوس انجلوس يتمتع بمرونة غير طبيعية في أربطة العظام ومفاصل الجسم (لدرجة قدرته على حشر نفسه في صندوق زجاجي صغير ولف رقبته خلف ظهره وإخراج عظمة العضد من مفصل الكتف وإعادتها ثانية).. ? ومن مدينة إبوة الماليزية استعرض البرنامج موهبة كون لي يون الذي يتمتع بجسد مغناطيسي قادر على إلصاق القطع الثقيلة ومنعها من السقوط على الأرض. ولاختبار هذه القوة ألصق به مقدم البرنامج مطرقة حديدية ضخمة ومكواة كبيرة وسلسلة طويلة فالتصقت جميعها ولم تسقط على الأرض. والأدهى من هذا أن يون ربط السلسلة الحديدية بسيارة مرسيدس صغيرة ثم سحبها خارج الكاراج بقوة الالتصاق فقط، وقد حاول علماء من جامعة كوالالمبور تفسير هذه الظاهرة ولكنهم - في النهاية - لم يثبتوا غير أمرين ثانويين.. الأول: أن موهبة الرجل لا علاقة لها بالقوى المغناطيسية المعروفة - إذ يمكنه أيضاً جذب المواد غير المعدنية كالأقمشة والأخشاب -.. والثاني: أن القوى التي يملكها تعمل من قرب كبير لا يتناسب مع قوة الجذب - حيث يمكنها لصق الأجسام بشدة ولكن ليس سحبها من مكانها كما تفعل المغانط المعدنية!! وحسب ما ذكره البرنامج يعد هذا الرجل أفضل نموذج موجود حالياً يجسد هذه الظاهرة الغريبة.. وحين مررت بهذه المدينة بلا سابق تخطيط لم أرد تفويت مشاهدته مع الأطفال (ولكن من الواضح أن «إبوة» لم تحسن استغلال مواهب الرجل سياحياً)!!. ? على أي حال هذه الموهبة (وتدعى المغناطيسية الحية) عرفت في مناطق كثيرة حول العالم ولم يكتشف سرها حتى الآن.. ففي بلغاريا مثلاً أقيمت عام 8991 مسابقة لأكثر المواهب قوة في هذا المجال شارك فيها 003 شخص من دول مختلفة - نصفهم من بلغاريا -.. وفي الصين نظمت مقاطعة كانتون مسابقة خاصة بين أطفال المدارس لاكتشاف هذه الموهبة بين الطلاب - بعد أن أبلغت إحدى المعلمات عن وجود فتاتين في نفس الفصل يمكنهما إلصاق أي شيء تقريباً على جبهتيهما!! أما في روسيا فظلت هذه الظاهرة موضع اختبار مكثف حتى نهاية التسعينيات - ويملك الروس أفلاماً موثقة بهذا الخصوص. وفي عام 4991 قام محقق صحافي بريطاني يدعى كيفن برايتويت بانتاج برنامج خاص عن التجارب الروسية في هذا المجال.. وهناك أجرى لقاء مطولاً مع عالم نفس يدعى إدوارد ناموف درس هذه الظاهرة لأعوام كثيرة. وأثناء اللقاء قال ناموف: هذه الظاهرة تأتي ضمن القدرات الطبيعية للجسم ويمكنك حتى أنت القيام بها. وهنا ابتسم برايتويت وقال: حتى أنا!؟ قال ناموف: نعم؛ اخلع ملابسك كي أثبت لك ذلك.. وبعد محاولات عديدة - وتوجيه من ناموف - تمكن برايتويت من إلصاق عدة ملاعق على صدره وجبهته.. العجيب هنا أن برايتويت عجز عن تكرار هذه الموهبة حين عاد إلى بريطانيا - رغم ظهوره في البرنامج وهو يُلصق على جسده قطعاً معدنية كثيرة!!