قبل خمسة أعوام كانت أحوال نادي النصر المادية في غاية الصعوبة وهو يستعد لتمثيل قارة آسيا في بطولة أندية العالم التي أقيمت نسختها الأولى بالبرازيل سنة (2000م). كان الأمير فيصل بن عبدالرحمن آنذاك هو رئيس النصر ومعه الأمير طلال بن بدر نائباً وأتذكر جيداً ان البعثة النصراوية غادرت إلى البرازيل قبل قرابة عشرة أيام من انطلاق المسابقة لإقامة معسكر إعدادي وسط عزوف من أعضاء الشرف عن الدعم وهم الذين كانوا يشاهدون فريقهم يحقق بطولة الأندية الآسيوية وكأس السوبر ويستعد لتشريف السعودية في أعظم محفل عالمي على مستوى الأندية. وقفت على الأوضاع المادية الصعبة التي عاشها النصر وقتها حين شاهدت إداري الفريق ناصر السريع في مطار شاردي قول بباريس في طريقنا إلى (ساوباولو) ومعه مبلغ (ثلاثين ألف دولار) في حقيبة صغيرة قبل يومين فقط من انطلاق البطولة في الرابع من يناير لعام (2000م) حيث كنت موفداً لجريدة «الرياض» لتغطية الحدث الكبير، وكانت البعثة النصراوية تنتظر ذلك المبلغ المقدم من الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله) للمساعدة في الانفاق على أكثر من خمسين نصراوياً جاءوا لتمثيل كرة بلادهم في أصعب الظروف المادية وتضاعفت صعوبتها بغياب دعم أعضاء الشرف المعنوي قبل المادي ودون ان يحصلوا من اتحاد الكرة على المكافأة المعتادة لمن يمثل المملكة خارجياً لكن أبناء النصر تسلحوا بالحكمة والعقلانية في العمل الإداري والفني وكان اللاعبون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم فحضروا فنياً متجاهلين كل المعوقات بهزيمة ممثل أفريقيا الرجاء البيضاوي واحرجوا ريال مدريد الأسباني بنجومه الكبار (راؤول) و(روبيرتو كارلوس) و(أنيلكا) وجاءت الخسارة مشرفة أمام بطل العالم (كورنثيانز) البرازيلي المستضيف ليحقق النصر كسباً كبيراً ليس بمشاركته في البطولة فقط بل بحضوره القوي الذي كان حديث المتابعين آنذاك، وما زاد من روعة وجمال النصر الأداء الراقي الخالي من الخشونة فلم يحصل لاعب نصراوي واحد على أي بطاقة ملونة ليحقق كأس اللعب النظيف فجمع التشريف الفني والتشريف الأخلاقي الذي يحرص المسؤولون في الدولة على تقدير أهميته قبل كل شيء لعكس الصورة الحقيقة للشباب السعودي. تلك المقدمة التاريخية تحضر اليوم بعد ان أنهى الاتحاد مشاركته في النسخة الثانية لبطولة أندية العالم بأداء ونتائج ربما ينظر لها من الوهلة الأولى على أنها متميزة غير ان من يعود إلى مشاركة النصر يتأكد له جلياً ان الاتحاد كان يمكن ان يقدم الأفضل من حيث الأداء الفني في المباراتين الأخيرتين أمام (ساوباولو) في نصف النهائي أو في مواجهة تحديد المركز الثالث و الرابع ضد الفريق الكوستاريكي التي فقد خلال خمس دقائق كل شيء. فالاتحاد جهزه مسؤولوه وصرفوا عليه عشرات الملايين ربماوصلت لتسعين مليون ريال وجلب معه سبعة لاعبين أجانب وصفوف الفريق تدعم بين فترة وأخرى بابرز المحليين الدوليين ويتوفر للاعبين الراحة النفسية والتحفيز المادي الذي لا يمكن ان يحصل عليه أي لاعب عربي ولم يتعرض لأي ضغوط في المسابقات المحلية بل تم تهيئة كامل الظروف له بتأجيل مبارياته في كأس الدوري فلعبت معظم الفرق إحدى عشرة مباراة مقابل ثلاث فقط للاتحاد، وأنا هنا لا أقلل من المشاركة الاتحادية في مونديال الأندية لكن التعامل الإعلامي مع الفريق يجب ان يكون منطقياً فإذا لم يكن الحضور سيئاً فهو لا يزيد عن النصر في شيء ولو توفرت للنصر الإمكانات الهائلة والتسهيلات بمختلف أنواعها لشاهدنا نصراً أكثر ابهاراً ومسؤولو الفريق الاتحادي يجب ان لا ينجرفوا وراء الاشادات المبالغ فيها والبعيدة عن منطق البحث عن الأفضل بعد المشاركة النصراوية فحتى المنتخب السعودي في المونديال المقبل سيتم تقييمه بالنظر إلى تطور مستواه ونتائجه عن مشاركاته السابقة في كأس العالم. ولولا ان ثقتنا بأن لدى العميد ولاعبيه وإدارته التي بذلت الملايين إمكانية الظهور بصورة مختلفة ونتائج أكثر تميزاً لما طالبنا بكبح جماح الاشادات والنقد الواقعي لهذه المشاركة التي كانت جيدة لكنها ليست أفضل من حضور النصر.