هناك دعم كبير حكومي لمشاريع الإسكان الخيري بدليل رفع مخصصاته في جميع مناطق المملكة لتصل إلى عشرة آلاف مليون ريال ويضاف لذلك المشاريع الإسكانية الخيرية التي تبناها عدد من الجمعيات الخيرية أو التي دعمها رجال الأعمال بشكل مباشر. ملاحظاتي تجاه تلك المشاريع تتمثل في قيام الحكومة ببنائها وتمليكها لمستحقيها، وكذلك بنائها كمجمعات سكنية أو أحياء سكنية، رغم وجود البدائل لذلك كما سأطرح في الأسطر القادمة. لماذا لا تكون مساعدتنا للمحتاج عبر المساهمة في إيجار المنزل الذي يسكنه، بدلاً من تمليكه المنزل؟ اقتراح تأجير المنزل بسعر رمزي، يتم تقديره حسب دخل الاسرة، ينطلق من كون الظروف قد تتغير فتتحسن أوضاع الأسرة فلا تصبح بحاجة للمسكن الشعبي أو الخيري، وينطلق من حقيقة وجود فئات لديها حاجة قد تكون مؤقتة كالعاطل عن العمل والأسر التي فقدت عائلها بسجن أو وفاة وقد تتحسن ظروفها مع الزمن وغيرهم، كما تنطلق فلسفة عدم تمليك المنزل من مبدأ الحفاظ عليه، فرسوم الإيجار الرمزية يمكن أن تستخدم في صيانة المنازل كما أن المستأجر سيكون مطالباً بالحفاظ على المنزل وإلا وجد نفسه خارجه. ليس ذلك فقط، بل إن ذلك سيدفعنا إلى بناء منازل وفق جودة ومعايير أفضل، لأنها ستبقى ملك الجهة التي بنتها، بدلاً من بناء منزل كيفما اتفق وتسليمه للمحتاج دون تحمل عواقب تواضع البناء... بل إنني أرى إمكانية ترك القطاع الخاص ليتولى دور البناء بينما تقوم الحكومة بدعم المحتاجين عبر دعم رسوم الإيجار لتلك المنازل، وبالتالي دعم القطاع الخاص بطريقة غير مباشرة، حيث إن ضمان تأجير المساكن لمدد طويلة سيحفز القطاع الخاص لخوض تجربة بناء مساكن شعبية أو مساكن تناسب الأسر ذات الدخل المحدود. لقد ذكر أحد مسؤولي برنامج الإسكان الشعبي بأن البرنامج استفاد من التجربة الكندية وفي التجربة الكندية يوجد برنامج دعم المحتاجين عبر دفع الإيجار بشكل جزئي أو كلي في برامج تتبناها جمعيات متخصصة كجمعية البيوت التعاونية (Cooperative Homes Society) وفي هذا النموذج لا يُكتفى بدفع جزء من الإيجار بل يشارك السكان بإدارة المجمع السكني وصيانته عبر لجان تشكل من الساكنين. يقلق كذلك في موضوع الإسكان الشعبي التمييز الاجتماعي الذي قد يحدث مستقبلاً بتحول المجمعات الشعبية إلى أحياء مهملة تتغلغل فيها بعض المظاهر الأمنية والاجتماعية غير المطلوبة، لذلك أرى أنه قد يكون من المناسب عدم تركيز جميع المساكن الشعبية في جزء من المدينة أو المنطقة بل محاولة توزيعها حتى تصبح الأسر المحتاجة جزءاً من نسيج المجتمع وليست معزولة عنه.