بتوفيق الله وبمشيئته وقدرته ثم تمشياً مع توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة ومعالي محافظ الطائف ورئيس لجنة إصلاح ذات البين الأستاذ فهد بن عبدالعزيز بن معمر سعت لجنة إصلاح ذات البين للعفو عن القاتل محمد رزق الخديدي وبتوفيق الله تحقق العفو بطريقة مذهلة وسريعة. فبعد أن تم ربط وثاقه في ساحة القصاص ودنا منه السيف لتنفيذ حكم الله في الشاب القاتل محمد رزق بن خميس الخديدي لقتله الشاب هشام بن محمد دخيل الله الغامدي، وبعد أن أعلن البيان تمهيداً لتنفيذ الحكم ووسط الساحة التي اكتظت بالمواطنين لمشاهدة عملية القصاص. وفي هذه اللحظات العصيبة ووسط ترقب الجميع لنزول السيف من يد السياف على الجاني، فإذا بالفرج يأتي بقدرة العلي القدير حيث أعلنت والدة المقتول عن تنازلها لوجه الله تعالى عن قاتل ابنها وقامت بمسح يدها على رأسه معلنة العفو دون أي مقابل سوى طلب الأجر والمثوبة من العلي القدير، فتصاعدت هتافات الحضور جميعاً والتصفيق والتهليل معلنة ومتضرعة للعلي القدير أن يتقبل منها هذا العمل العظيم وأن يجزيها خير الجزاء على عتيق الرقبة الذي دنا منه السيف وأعيد إلى غمده بكلمة عفوت عنك لوجه الله تعالى. هكذا تجلت أسارير الفرح بين الحضور وانهمرت دموع الفرح من معظم المتواجدين. معالي الأستاذ فهد بن عبدالعزيز معمر، محافظ الطائف ورئيس لجنة إصلاح ذات البين أعرب في تصريح صحافي عن عظيم شكره وتقديره للعلي القدير على ما منَّ به من نعمة على ولية الدم والدة المقتول التي أعلنت تنازلها لوجه الله تعالى وطلباً في عفوه ورضاه ولكل من ساهم في هذا العمل. ونوه معاليه بتوجيهات ولاة الأمر حفظهم الله في مثل هذا الأمر وحرصهم الشديد على الأعمال الخيرة ومن أهمها عتق الرقبة وتقديرهم لكل من يعمل على ذلك من أولياء الدم وفاعلي الخير أياً كانوا. وقال: إن مثل هذا العمل النبيل الذي تركت فيه ولية الدم وأقاربها الملايين وجميع عروض الدنيا واختاروا الأهم والأعظم وهو الأجر والمثوبة من العلي القدير فجزاها الله خير الجزاء وجعل ذلك في موازين حسناتها هي وجميع أقارب المجنى عليه. أقارب ولية الدم ومن جانبهم أعرب أقارب المتنازلة والدة المجنى عليه كل من زوجها عبدالله بن مناحي الغامدي وابنها أخو المقتول سلطان بن عبدالله بن مناحي الغامدي والوكيل الشرعي لها ابن أختها الأستاذ محمد أحمد الغامدي.. أننا جميعاً حرصنا على أن نسهم في عمل الخير بحضورنا ومشاركتنا لولية الدم والدة المجنى عليه وحثها على فعل الخير وطلب ثواب الآخرة، وقد وفقها الله لهذا العمل النبيل مبتغية رضا الله وتوفيقه. وأكدوا أن جميع عروض الدنيا بما فيها لا تسوى شيئاً أمام ثواب الله وعظيم أجره. داعين الله أن يتغمد الفقيد برحمته ورضوانه ويتوب على الحي وأن يتقبل من والدة الفقيد عملها ويجزيها خير الجزاء إنه سميع مجيب. والد القاتل والد القاتل رزق محمد الخديدي قال: إننا مهما قلنا ومهما تحدثنا لن نفي بالشكر والامتنان لمن عفوت عن ابني الذي طال انتظاري له وإننا سنظل مدينين لوالدة الفقيد بهذا الجميل الذي غمرتنا به بعد أن فقدنا الأمل وأيقنا أن نهاية ابني ستكون هذا اليوم، فكان الخبر كالصاعقة علنيا لدرجة أننا لم نستوعب الموقف وتملكنا مشاعر الحزن والفرح في آن واحد، الحزن عندما نتذكر تلك الغلطة الشنيعة والفرح بهذا الفضل من العلي القدير، ثم من والدة الفقيد التي آثرت أجر الله وثوابه عن جميع عروض الدنيا واختارت - ونعم الاختيار - وجه الله العلي القدير، فلها ولذوي الفقيد جميعاً الشكر والعرفان والدعوات بأن يتقبل منهم هذا العمل ويجزاهم عنا خير الجزاء فإننا ووالدته قد بلغنا من الكبر عتياً وأمام هذا السن لا يسعنا لهم إلا الدعوات من القلب أن يتقبل منهم ويثيبهم على عملهم هذا العظيم وسنظل ما حيينا أوفياء لهم بالدعوات الخاصة ليل نهار ونعدهم أن ابننا هو ابناً لهم داعين الله للفقيد برحمته ورضوانه إنه سميع مجيب. القاتل: لحظات لن أنساها أما القاتل محمد رزق الخديدي فقال: لحظات لن أنساها وجميل لن أنساه تلك اللحظة التي وضعت يدها - أم الفقيد - الذي نزع الشيطان بيني وبينه فكانت تلك اليد التي أعلنت بها حياتي من جديد أكثر من ضرب الرماح على قلب ولم أتمالك نفسي وغمرتني الفرحة والحزن والأسى والألم وشعرت بذنبي في هذه اللحظة أكثر من ما شعرت به خلال خمس سنوات خلف القضبان، فإن الشكر لا يكفي لمن أعتقت رقبتي من حد السيف وسمحت بعفوها بعد توفيق الله بحياة جديدة لي، أدعو الله مخلصاً أن يتقبل منها وأن يجزيها الجنة ويعوضها، وأعدها إنني الابن مكان ابنها .