كتب الكثير عن تلك الرواية وتناولها الكثير من الكتاب سواء بالسلب أو الايجاب. الغالبية انتقدت تلك الرواية وسخرت وتهكمت منها وعليها. والقليل أيد تلك الرواية ووقف معها وربما فعل ذلك وهو على استيحاء أيضاً.. ومن هنا أحببت ان أعلق وأعقب على تلك الرواية القضية التي شغلت الناس وأثارت ضجة حتى في المجالس.. فأقول مستعيناً بالله: انقسم الناس عند تلك الرواية إلى قسمين ما بين مؤيد ومعارض لها. ولكل أسبابه في ذلك.. فأما من عارض تلك الرواية جملة وتفصيلاً،فأعتقد بأنه عاد منها وشجبها واستنكرها للأسباب التالية: ٭ شخص لم تتوافق تلك الرواية مع أهوائه وتوجهاته ومبادئه وفلسفته في الحياة والمنهج والطريقة التي يسير عليها. ٭ شخص كشفت لديه تلك الرواية المستورد وأماطت اللثام عن حقائق هو لا يريد ان يعرفها أو يعترف بها أو حتى يصدقها.. ويريد ان يدفن رأسه في التراب بالرغم من أنها حقيقة ماثلة أمام عينيه. ٭ شخص حاسد لها فقط فهو يرى ان صاحبة الرواية الفتاة ذات الأربعة وعشرين عاماً تفوقت عليه وتبوأت مركزاً مرموقاً في لمح البصر وبسرعة البرق ومن أول ظهور لها. بينما هو استمر لسنوات طوال يحفر في الصخر ولم يحقق ما وصلت إليه الطبيبة الشابة ولم يعلم هذا بأن هذه إرادة الله وحكمته. ٭ هناك من عارض هذه الرواية ووقف ضدها بشدة لأنها فقط تحدثت عن شريحة محددة ومكان محدد من المجتمع. ٭ وأما من وقف مؤيداً لتلك الرواية وناصرها فأعتقد بأنه فعل ذلك لسبب واحد وبسيط وهو ان تلك الرواية وافقت أهواءه وتوجهاته وآراءه وقالت ما أراد ان يقوله منذ زمن ولكنه لم يستطع لأي سبب من الأسباب ولهذا فهو قد رأى في تلك الرواية نفسه وأفكاره التي تجول في خاطره. وقد فعلت تلك الأنثى ما عجز عن فعله الكثير من الرجال. ٭ مشكلتنا يا سادة أننا لا نريد من يكشف أخطاءنا ويريدنا واقعنا الأليم.. ولا نريد من ينفض عنا غبار أخطائنا الفادحة ولا نحبذ من يميط اللثام عن عيوبنا ورغباتنا العقيمة.. ونحارب كل من أراد ان يغير أو يبدل أو يعدل واقع بعض جوانب حياتنا المظلم.. فنحن قد ألفناه وألفنا منذ زمن وتعودنا عليه وكيفنا أنفسنا على ذلك من الزمن الغابر ورضينا بما فيه من حسنات وسيئات واستمرأنا ذلك ولا نريد من أحد ان يقول لنا هذا خطأ وهذا صواب.. دائماً نكره التغيير ونمقت الجديد أياً كان وخصوصاً إذا كان يمس عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا وقيمنا وأعرافنا الاجتماعية والأسرية والشخصية حتى وان كانت سلبية.. نريد من الآخر دائماً ان يتركنا وشأننا ولا يعكر علينا صفو حياتنا بفلسفته وآرائه العلمية وكأننا نريد ان نقول له هذه حياتنا وهذه مشاكلنا ونحن أولى بحلها وبأي طريقة كانت وسترضي الجميع غضب من غضب ورضي من رضي.. يقول الدكتور غازي القصيبي وبالمناسبة هو من قدم للرواية القضية يقول لا يستطيع أي نظام أو قانون أو أي سلطة في العالم ان تغير توجهات أفراد المجتمع - أي مجتمع كان - نحو أي شيء في المجتمع فالمجتمع وأفراده هم الحكم والفيصل في مثل هذه الأمور فإن رضي المجتمع عن شيء كان وان لم يرض عن شيء لم يكن.. حتى وان كان هذا الأمر أحياناً يمس بعض مبادئنا وقيمنا الدينية.. ويقول إذا كان 80٪ من أفراد المجتمع راضين بهذا الوضع بإيجابياته وسلبياته ومتعايشين معه كما اتفق ولا يريدون التغيير أو التقدم خطوة إلى الأمام فماذا يستطيع ان يفعل العشرون في المائة الباقون من أفراد المجتمع.. فبطبيعة الحال لا شيء منهم.. كمن يناطح صخرة ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل. مشكلة رجاء الصانع والتي اعتبرها أنا هي المشكلة الكبرى في الرواية وهي التي ثارت بسببها تلك الضجة وأثارت بعض الناس ان رجاء تكلمت عن شريحة محددة في المجتمع وعن منطقة واحدة وبقصة جغرافية واحدة فقط ومكان واحد وهذا ما أغضب الكثير لأن رجاء بهذا الفعل قد أثارت العصبية القبلية أو لنقول العصبية الاقليمية وهذا في الحقيقة جميعنا لا نرضاه أبداً في مجتمعنا الكريم.. وصدقوني لو ان رجاء كتبت الرواية بصيغة التعميم وأسمتها مثلاً مشاكل البنات أو حتى بنات الدنيا. لما أثارت تلك الرواية كل تلك الضجة.. أخيراً نسيت ان أقول بأن هناك من عارض تلك الرواية لمجرد المعارضة فقط ولأن رجاء الصانع زامر الحي وكلنا يعرف بأن زامر الحي لا يطرب يا رجاء؟! عند كثير من الناس. وإلاّ فالمكتبات مليئة بكتب وروايات أسوأ من رواية رجاء بكثير. هذا إذا اعتبرنا ان رواية الطبيبة الشابة سيئة. * أخصائي اجتماعي، الرياض