«أخذت على نفسي عهداً أن تكون هذه آخر مرة أوافق على الحضور أو المشاركة أو تقديم ورقة عمل في أي مؤتمر في السعودية». ألقت بهذه الكلمات في وجهي في انفعال شديد.. ثم ألحقتها بمئات الاعتذارات!! لا أقصد اي اهانة.. أعذريني.. بل إن الناس في المملكة من منظمين ومنسقين وعلاقات عامة ودارسين وحتى الجمهور في الأماكن العامة كانوا أكثر من مهذبين ومتفهمين ومتعاونين و.. اذاً.. أين المشكلة.. أو كما «يحب الوافدون أن يقلدوا المواطنين - كناية عن حالات التسيب والتبلد تجاه المواقف التي تحتاج إلى تصرف مسؤول: مافي مشكلة!» المشكلة هي الانطباع الأول.. الانطباع الأهم، ففي الوقت الذي يجد المواطن السعودي حكومته وهي تدفع به ليشد هامته وتحفزه ليتطاول بجده وعطائه ويزاحم بكتفيه ليجد له مكانا في واجهة العالم، في الوقت الذي تفتح فيه المملكة أبوابها وذراعيها لتحتضن مؤتمرات عالمية في مجالات متميزة، مسايرة أجواء العولمة، وفضاءات التقدم.. في حين نتابع - والعالم - قمة مكة.. ومؤتمر الاقتصاد.. والمؤتمر العالمي للعلاج الطبيعي والمؤتمر العالمي للطفل وورش عمل التوحد.. والمنتدى الإعلامي وانتخابات الغرف التجارية.. وغيرها من الفعاليات العالمية، أو المحلية التي توجه أنظار العالم إلينا.. أقول في نفس هذا الوقت المتميز.. يقف أشخاص (صغار) جدا - وللأسف في مواقع حساسة مثل المطار! ليعبثوا بهذه الصورة المشرقة التي بدأت تبهر العالم ويضعوا أصابع جهلهم في ثناياها! فتتشوه امام من أتونا من أقاصي الأرض ليشاركوا ويساهموا في مسيرة مواكبتنا لايقاع العصر السريع، فتقف متحدثة - في احدى المناسبات! امام أحد هؤلاء (الصغار) ترى انجازاتها الشخصية وتاريخها العلمي المتميز الذي دفعنا لاستقطابها أصلا تجده وقد تبعثر على أقدام هذا (الصغير) وتجد نفسها وقد سقطت ألقابها العلمية والأدبية لتصبح (حرمة) يجب أن تجلس مع العمالة في المطار في انتظار (الكفيل) حتى (يتسلم) جواز سفررها و.. (يقودها) إلى خارج المطار حيث تحاول أن ترتدي كرامتها مرة أخرى، وتعود متحدثة متميزة! «شاركت في مئات المؤتمرات العالمية.. في مختلف دول العالم ولم أحظ بمعاملة مثل هذه أبداً.. أحسست بجرح كبير ومهانة شديدة.. ولولا التزامي لغادرت في الحال».. ظلت محاولاتي الحثيثة للاعتذاز لها - قولا وفعلا وحسب موقعي في العمل.. لأمحو آثار ما فعله ذلك (الصغير) أضأل من الضرر الذي لحق بها.. بل بنا..! فمقابل آلاف المبادرات الجيدة يأتي تصرف همجي واحد فتبقى بصمته مطبوعة في ذاكرة الغريب، وقد (يتندر) بها كأغرب.. أو أسوأ.. أو أعجب موقف مرَّ به في بلد غريب ..وأترك الحديث.. في انتظار الفعل..