يبدو أن توجه وزارة العمل إلى رفع تكلفة الوافد الأجنبي بقصد إجبار القطاع الخاص على توظيف المواطنين من الشباب والشابات يعتبر نوعاً من التأكيد على أن هنالك قناعة راسخة عند بعض المسؤولين عن ملف البطالة، بأن معالجة مشكلة البطالة يجب أن يتحملها القطاع الخاص، وهذا الاتجاه من الناحية النظرية صحيح لأن الدولة لا يمكن أن توفر فرص العمل لكل موطن وحدها، ونعتقد أن معالجة مشكلة البطالة يجب ان تكون وفق خطط عملية مدروسة توازن بين المصلحة والضرر وتحقق المصلحة العامة دون فرض المزيد من الضغوط على المنشآت الصغيرة والمتوسطة والقطاع الخاص بشكل عام. وكما أسلفنا فإن القطاع الخاص يتكون من عدة قطاعات مختلفة قد يصعب فرض السعودة على بعض المجالات في الوقت الحاضر مثل اعمال المقاولات والإنشاءات والبنى التحتية وخدمات الصيانة والتشغيل والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الزراعية وغيرها من المهن الحرفية التي قد تتوقف عن ممارسة اعمالها في ظل زيادة الرسوم بشكل متتابع دون مراعاة لحقوق أصحاب هذه المنشآت الصغيرة وغيرهم من المواطنين محدودي الدخل والطبقة الفقيرة التي ستتحمل ارتفاع تكاليف الخدمات بشكل عام، مما يوجد نوعاً من التضييق غير المبرر نتيجة قرارات لا تلبي احتياجات الاقتصاد الوطني وتضيق على القطاع الخاص والمواطن في الوقت نفسه. ونعتقد أن معالجة قضية البطالة تبدأ من إصلاح منظومة الاقتصاد الوطني وقصر أنشطة البيع والشراء والنقل وغيرها وفق تخصصات مدروسة بعناية وتدرج يضمن التوطين للوظائف والنمو للقطاع الخاص بدلاً من تحميله تبعات مشكلة البطالة، من خلال إيجاد منشآت وشركات ومصانع تستوعب اعداد الخريجين التي تتزايد بشكل سنوي، وتوطن الخبرة والتقنية للأجيال القادمة، بمعنى أكثر وضوحاً نريد هيكلة لقطاع الشركات والأنشطة التجارية والمهنية لتوطين الوظائف فعلياً بدلاً من فرض التوظيف الوهمي. ونخلص إلى أن مشكلة البطالة قضية متراكمة منذ عشرات السنين وتحتاج إلى تكاتف جهود الجهات الحكومية المعنية وإعادة إصلاح منظومة الاقتصاد الوطني ومخرجات التعليم ونشر ثقافة العمل الحر وحماية منشآت القطاع الخاص والتأكيد على أن القيمة الحقيقية لأي شركة أو منشأة تكون في عدد الفرص الوظيفية التي سيوفرها هذا المشروع، وليس في حجم الأرباح التي ستذهب إلى جيوب بعض المنتفعين من خيرات هذا الوطن، وبالجملة قصر الأنشطة التي تتواءم مع أهداف السعودة على المواطنين بشكل يحقق توطين الوظائف ولا يضر بالقطاع الخاص والمواطن من جهة أخرى.