لم يصدق... وجد قطعة الشوكولا القديمة بين بقايا ذكرياته قد عفا عليها الزمن. شعر بالامتنان لمن أهداه إياها في إحدى مناسباته. لم تكن بذلك الحجم وكانت أشبه ب«هدية رمزية» إلا أنها تحمل معاني ودلالات عظيمة لنفسه أولاً ولمن حوله. لا شيء يعدل الاهتمام والحب أياً كان شكله وصوره وطرقه، وإن كانت بأشياء رمزية بسيطة لا تذكر. بعض الأشياء جميلة تزرع في نفس صاحبها الحب والامتنان، تبهج النفوس. تفتح الطرق نحو السعادة، لأن دلالات الأشياء أكبر من قيمتها المادية، الأخيرة تضعف وتذبل مع الزمن لكن يبقى حجم معناها في القلوب لا يزول أبداً. السعادة، هي حينما تحاط بمن يهتم لمراحلك، ويعطيها قدراً من الروعة، وهو يقدم حبه واهتمامه بطرق عدة تلامس القلب أولاً، وتجري الفرح في الذات، وتعطي بعداً جميلاً للعلاقات. نحتاج كثيراً إلى الاهتمام، نعطيه ونأخذه، نرى فيه كل أشكال المحبة، وفوق هذا نشعر بذواتنا بين الناس. من يعطي الاهتمام والحب بلا شك ينتظر أن يحظى به ولو للحظة، وقمة الخيبات ألا يحصل على ذلك خصوصاً إذا ما كان باذلاً معطاءً، وبالتالي حينما تُمنحون الاهتمام بادلوا صاحبه أيضاً الإحساس ذاته ولو بأمور بسيطة. لم يعد أحد ينتظر مالاً أو هدايا ثمينة، أو أشياء صعبة المنال، بات الناس يبحثون عمن يهتم بهم ويحيطهم بالعناية، يتنبه إلى إنجازاتهم يمنحهم قليلاً من الأشياء الرمزية التي ترسخ هذا الحب. قد يكون ذلك بقطعة شوكولا صغيرة، أو هدية رمزية صغيرة، أو حتى رسالة تهنئة معبرة. الناس، يحتاجون إلى الاهتمام، بعيداً عن ماديات الحياة، ولأن الزمن تحول، أصبح ذلك يضعف، أو أضحى لأهداف شخصية لا يأتي إلا وخلفه مساعٍ أخرى، وهو اهتمام أجوف لا طعم له ولا رائحة تتضح معالمه سريعاً. من يملك القدرة على منح ذلك، يستطيع أن يستحوذ على القلوب ويفوز بها، مهما تعثرت ظروفه كالنبات حينما يتحول إلى شجرة ظليلة، ترخي بظلالها على من زرعها وتقيه أشعة الشمس. اختلف الزمن، وأصبح قاسياً، تحيطه ظنون البشر وتوقعاتهم السلبية، وبالتالي أصبح من الضروري أن نعزز قيم الاهتمام والحب والرعاية، وألا نتركها مهما انشغلنا، فالحياة تأخذ من أجسادنا وصحتنا، والحب يرمم ذلك ويعوضه، فمشاعر الفرح قادرة على بناء أجساد صحيحة لا تشكو العلل، وكذلك الحال مع الحزن والانشغال والتفكير. يوماً ما، لن يعلق في الذهن سوى اللحظات الجميلة. رواية هذه اللحظة للذات دافع كبير للثبات أمام متغيرات الحياة، فإعادة إنتاجها ذهنيا، يسهم في تغيير بعض من الحال، ويدفع بالنفس نحو فضاءات واسعة أكثر جمالاً وتفاؤلاً لأن أساس ذلك هو الحب والاهتمام. لا تبخلوا به، لأنه لكم أولاً قبل الآخرين. وهو أيضاً «ادخار» للأيام الصعبة، ومنحنيات الحياة التي تحتاج إلى ثبات وقوة، وكفاءة في التعاطي معها. شكراً لصاحب الشوكولا. ولتفاصيل الفرح التي تسكنه ويسكنها.