ابتداءً من هذا اليوم الاثنين تبدأ وزارة العمل، تلقي طلبات المواطنين العاطلين عن العمل ضمن خطتها الجديدة لتوظيف السعوديين في منشآت القطاع الأهلي، وإلحاق غير المؤهلين في برامج تدريبية.. فهل ستوفق الوزارة في توفير ثلاثمئة ألف فرصة عمل لطالبيها في هذا القطاع المشترط على المنخرطين في مؤسساته قدرة حيوية، في أداء العمل واستجابة والتزاماً بساعات عمله الطويلة؟! بمعنى ان القطاع الخاص عادة ما يطلب العناصر العاملة في منشآته «كاملة مكملة».. وكان يحصل عليها عبر العمالة الوافدة وبأبخس الأثمان.. فهل سيتسامى على ثقافة الربح السريع، ليشترك مع الدولة في تقديم جيل جديد من العاملين والإداريين، قادرٍ على التفاعل مع متطلبات عصر الإدارة الالكترونية للمؤسسات الاقتصادية؟! ?? لاشك أننا نقف أمام تحد مفصلي.. خاصة وان بلادنا تشهد حالياً بداية مرحلة اقتصادية جديدة، بعد مرورنا بمرحلة الطفرة الاقتصادية مع ارتفاع سعر البترول. والتحدي المقصود هو أي مدى نتملك - المجتمع والدولة - القدرة الفعالة على تجاوز تراث متراكم من الإدارة البيروقراطية.. بل قل الثقافة البيروقراطية التي تسيطر على مناحي حياتنا، ومتمحورة حول ثقافة الكسب السريع دون بذل الجهد المبذول.. هذا هو لب الخلل الذي نعاني منه ابتداءً من رغبة طالب العمل في الإدارة الحكومية.. حيث يتوقع أحد الاحصاءات بأن نسبة إنتاجية العمل يومياً لا تتجاوز الساعة الواحدة! في حين أن العمل في القطاع الخاص يتطلب ساعات عمل إضافية، تتجاوز ما يقرره نظام العمل من ساعات!! وانتهاء بوجود هذا الخلل المدمر بين قرابة سبعة ملايين وافد - حسب الاحصاءات الأخيرة - وثلاثمئة ألف طالب عمل من المواطنين!! ?? وفي الوقت الذي نلمس فيه مؤشرات ازدهار نشاط اقتصادي بتوافر فرص استثمارية عديدة.. إلا أن شكوى المستثمرين ووسطاء الشركات الأجنبية والأكاديميين الاقتصاديين بأنه من غير الممكن إحداث حيوية في اقتصادنا الوطني ما لم توفر الدولة جواً استثمارياً يتجاوز العقد البروقراطية بإعادة هيكلة واسعة في أجهزة الدولة ذات العلاقة.. وحين يأتي الحديث حول هذا الموضوع، تقفز تجربة الحكومة الالكترونية في دبي، ذات التسهيلات المغرية في استقدام الخبرات والحصول على العمالة بدون تقييدات! حيث تعاني دبي ومعها جميع إمارات دولة الإمارات من نقص شديد في نموها السكاني!! ولهذا فالقياس دائماً على دبي وتجربتها.. وتطلع المستثمرين السعوديين إلى مماثلة بلدهم بها على كل صعيد.. أرى في بعض مستوياتها ضرباً من الأحلام!!.. ذلك أن في مجتمعنا من التقييدات الذاتية والموضوعية على صعيد الثقافة الدينية والاجتماعية، ما يمنع استحضار تجربة دبي في المملكة في كل أمر.. .. بطبيعة الحال هذا لا يعني أن لا تبادر الدولة السعودية، نحو العمل السريع والمنهجي في نفس الوقت، لاعادة هيكلة برامجها الإدارية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، كي تسد الثغرات الهائلة الاتساع بين المجتمع والتنمية. والاقتصاد والبطالة.. والغنى والفقر.. والتخلف والثقافة.. والمركزية والمشاركة.. وكذلك إحلال ثلاثمئة ألف طالب عمل سعودي، بين قرابة سبعة ملايين وافد يسرحون ويمرحون!!