بدعوات صادقة للتضامن والالتقاء دوما على الخير والمحبة والإلفة والبعد عن التناحر والخلاف ودعت مكةالمكرمة يوم امس قادة العالم الإسلامي بعد مشاركتهم في مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي الثالث الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - . مغادرة القادة لمقر اقامتهم بمكةالمكرمة وان جاءت عبر مواكب وبروتوكولات رسمية لكنها لم تخل من المداعبات الخفيفة فيما بينهم التي اكدت على ان علاقاتهم لا ترتبط بقضايا سياسية بقدر ما ترتبط بعلاقات اخوية ولم تسجل طوال ساعات المؤتمر اية خلافات حول محور او قضية وهو ما يعطي انطباعا على ان التضامن الإسلامي الذي كانت انطلاقته من مكةالمكرمة عاد مجددا وبقوة كما كانت دعوته الاولى من جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي حمل لواء التضامن الإسلامي طوال فترة حكمه وحتى وفاته. آمال الشعوب الإسلامية اليوم لم تعد منحصرة على التضامن الإسلامي والحاجة اليه فقد عاد مجددا من مكةالمكرمة لكنها تبحث عن تفعيل لهذا التضامن من خلال زيادة أوجه التعاون السياسية والثقافية والفكرية والاقتصادية بين الدول الإسلامية . فهل تسعى الشعوب الإسلامية اليوم الى ترجمة تطلعات القادة من خلال زيادة أوجه التعاون بينهم؟ وكيل وزارة الحج الاستاذ حاتم بن حسن قاضي اشار الى ان ما خرج به قادة العالم الإسلامي في مؤتمرهم الاستثنائي بمكةالمكرمة ترجمة حقيقية لوحدتهم وتماسكهم واصرارهم على ازدهار دولهم وتقدمها معتبرا ان الوقت قد حان للشعوب الإسلامية لتترجم تطلعات القادة وتعمل على زيادة أوجه التعاون بينها . والتعاون من وجهة نظر القاضي لا ينحصر على المجالات السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية فتفعيلها لا يأتي من خلال سياسيين ومثقفين واقتصاديين بل من خلال الشعوب أنفسها من مواطني الدول الإسلامية . وبين القاضي ان ما أبرزه البيان الختامي للقمية اشاد بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - بانعقاد القمة لمعالجة قضايا المسلمين واملنا ان تترجم التوصيات والقرارات لتعود للامة الإسلامية مكانتها ووحدتها . اذا كيف يمكن تفعيل الجوانب الاقتصادية بين الدول الإسلامية ؟ الدكتور اسامة الفلالي استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والادارة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة يرى من جانبه أن تفعيل الجانب الاقتصادي بين الدول الإسلامية لا يعتمد على زيادة نسبة التبادل التجاري وان كان هذا امرا مهما لكنه يشمل ايضا العمل على الاستفادة من مقومات الدول الإسلامية واستغلالها الاستغلال الامثل لبناء اقتصاد إسلامي قوي قادر على المنافسة في ظل التكتلات الاقتصادية العالمية . وعما اذا كان برنامج التنمية الذي اعلن عنه سيسهم في دعم برامج التنمية خاصة في الدول الفقيرة ؟ اعتبر الدكتور الفلالي ان مثل هذا البرنامج له العديد من الثمار لصالح الدول الفقيرة خاصة التي لازالت تعاني من مشكلات اقتصادية كبرى . فيما يرى الاستاذ مصطفى فؤاد علي رضا رجل الاعمال بالعاصمة المقدسة ان طرح محور تفعيل الجوانب الاقتصادية والعمل على تفعيلها من خلال مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية الثالث يفتح المجال امام رجال المال والاعمال بالدول الإسلامية للاستفادة من هذه التسهيلات وزيادة فرص التبادل التجاري بين الدول والشعوب بما يعود على الشعوب الإسلامية بالخير . وتفعيل دور مجمع الفقه الإسلامي والاعتراف بالمذاهب يعده فضيلة الشيخ جابر المدخلي الامين العام للتوعية الإسلامية بالحج امراً مهماً لتجنب الخلافات المذهبية بين العلماء والخروج بصيغ موحدة تقضي على تلك الخلافات وتعيد للامة الإسلامية وحدتها. الى أكد الامين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد بن ناصر العبودي ان الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود من مكةالمكرمة لعقد قمة إسلامية استثنائية لقادة الأمة الإسلامية تعقد في مكةالمكرمة لها أهمية خاصة من ناحية الدعوة إلى الانعقاد ومكان الانعقاد في مهبط الوحي ومنطلق الرسالة الإسلامية من جوار الكعبة المشرفة . لا سيما أنها سبقتها في مكةالمكرمة اجتماعات العلماء والمفكرين من العالم الإسلامي لبحث الوسائل والسبل التي تحقق التضامن بين المسلمين وتعاونهم على ما ينفعهم جميعا عملا بقوله تعالي: {وتعاونوا على البر والتقوى}. وبين فضيلته أن التعاون يحتاج إلى اجتماع لبحث المشكلات وبيان حلولها، مع بيان السبل الكفيلة بحلها، ولا شك في أن الشعوب المسلمة سواء أكانت في بلاد الأكثريات المسلمة أم في بلاد الأقليات المسلمة تطلعة إلى هذه القمة الاستثنائية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود المعروف للجميع بأنه يعمل لمصلحة المسلمين، وينادي دائما بالعمل على ما فيه رقي المسلمين وتقدمهم، وهو ملك المملكة العربية السعودية التي نادت بالتضامن الإسلامي وما تزال تعمل له، وقد شرف الله أهلها وعلى رأسهم قادتها بخدمة الحرمين الشريفين والقيام على أمر الحجاج والمعتمرين والزوار إلى المشاعر المقدسة في الحرمين الشريفين . ومثلما أن المسلمين في سائر أنحاء العالم يتجهون بصلواتهم جهة الكعبة المشرفة فإنهم يتجهون بتطلعاتهم إلى هذه البلاد المقدسة ومن ذلك عقد قمة إسلامية استثنائية تنظر في شؤونهم، وترسم الخطط لما ينفعهم في حاضرهم ومستقبلهم.