يطالب ديمقراطيون عريقون في كل أرجاء الولاياتالمتحدة بانسحاب سريع للقوات الأمريكية من العراق وفي الكونغرس فقد شرع سياسيون ديمقراطيون في موجة شجب جديدة لاستراتيجية إدارة الرئيس بوش للحرب وقدموا خيارات أخرى لهذه الاستراتيجية غير ان نخبة السياسة الخارجية للديمقراطيين والذين يغلب عليهم أشخاص عملوا سابقاً في مناصب حكومية عليا فانه يوجد بينهم خلافات واضحة وغموض بشأن البديل الملائم لما يحدث في العراق. ولم يتوقف صناع سياسة أمريكيون مخضرمون خلال مقابلات أجريت معهم عن توجيه الانتقادات للكيفية التي قاد بها الرئيس جورج بوش الولاياتالمتحدة لهذا المأزق غير أن هنالك ديمقراطيين كانت لديهم رؤية واضحة عما يتعين فعله إذا سلمت مشكلة العراق إلى إدارة ديمقراطية في المستقبل، ويقبل كثيرون منهم بوجهة نظر الرئيس بوش بأن الانسحاب السريع في أي وقت سيترك العراق غير مستقر فضلا عن مواجهة كارثة استراتيجية في الشرق الأوسط. وقال السفير الأمريكي السابق لدى الأممالمتحدة ريتشارد هولبروك والذي يعتبر على نطاق واسع بأنه كان المرشح الرئيسي لمنصب وزير الخارجية إذا ماكان السناتور جون كيري قد فاز في انتخابات الرئاسة العام الماضي «إنني لست مستعدا لوضع سياسة مفصلة أو استراتيجية لان هذا ليس بالأمر الذي يمكنك توقعه في وضع يتحرك بهذه السرعة ويحمل بين طياته التفاصيل التي تبحث عنها».ولتوضيح افتقار الإجماع بين الديمقراطيين حول البديل الملائم للشأن العراقي فان بعض الديمقراطيين يؤيدون انسحابا سريعا لإحداث تغيير في القوى المحركة في العراق والشرق الأوسط ولتفادي السقوط في مأزق أو فقد مصداقية الولاياتالمتحدة ويجادل آخرون بأنه من الخطأ حتى مجرد التحدث عن إيجاد جدول زمني محدد للانسحاب وبين هذين الفئتين يوجد من يدعون إلى خفض كبير للقوات الأمريكية في الوقت الذي يتم الحفاظ فيه على قوة كبيرة في العراق أو في المنطقة لتعزيز الاستقرار ولتجنب حدوث تجربة أفغانستان المريرة في التسعينيات التي اتت بحكم طالبان. ويعتبر زبيغنيو برزيزنسكي أكثر صناع السياسة الديمقراطيين الذين لديهم بديل واضح للشأن العراق حيث يقول بأن الوقت قد حان للولايات المتحدة لوقف القتال وسحب القوات الأمريكية بسرعة على أن لايتجاوز ذلك نهاية عام 2006 حيث أن البقاء الطويل سيعرض القوات الأمريكية المتبقية لمخاطر. ومضى زبيغنيو الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي خلال إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر قائلا انه يتعين علينا مواجهة حقيقة ان الحرب لاتسير على مايرام وتكلفنا كثيرا ليس فقط في الأرواح والأموال وانما أيضا تلحق الضرر بسمعة ومكانة الولاياتالمتحدة في العالم وتسيء إلى مشروعيتنا ومصداقيتنا بل ومبادئنا الأخلاقية. وقال زبيغنيو بأنه سيفضل تأييد السياسة الأمريكية الحالية في العراق إذا كان هنالك المزيد من مؤشرات النجاح وانه من أجل تحقيق انتصار فان القوات المسلحة الأمريكية تحتاج إلى مضاعفة تواجدها أو زيادة قواتها بثلاثة أضعاف في العراق وهي خطوة لن تتخذها واشنطن.ولكن فإن ثلاثة خبراء استراتيجية في إدارة بيل كلينتون وهم هلبروك ووزيرة الخارجية السابقة مادلين او لبرايت وقائد الناتو السابق الجنرال ويلسي كلارك يجادلون بقوة ضد فرض جدول زمني محدد للانسحاب أو وقف الاهتمام السياسي بالعراق. وترى اولبرايت بأنه يتعين أن تكون هنالك خطة لتحديد نقل منتظم للسلطة إلى العراقيين وسحب القوات الأمريكية من الخطوط الأمامية إلى ماوراء القوات العراقية بأسرع مايمكن وقالت اولبرايت إن القوات الأمريكية تعتبر المشكلة والحل في نفس الوقت فإنها تجتذب التمرد المسلح غير أنها تساعد في نفس الوقت على تحقيق الأمن مضيفة انه ينبغي على الولاياتالمتحدة تبديد الشعور بالقلق في الشرق الأوسط بالإعلان عن عدم رغبتها في أن تكون لها قواعد دائمة في العراق.ومن أجل تحسين الموقف فان اولبرايت وكلارك يؤيدان المزيد من الدبلوماسية. وقال كلارك ان الولاياتالمتحدة تحتاج إلى جعل جيران العراق بما فيهم سوريا وإيران جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة مضيفا بأن الولاياتالمتحدة لايمكنها النجاح بالتركيز على العراق فقط. وقال كلارك انه بصفته قائدا سابقاً للناتو فقد نجح آنذاك في جمع تحالف لالحاق الهزيمة بالرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفتش مبينا انه تم تحقيق ذلك عبر الدبلوماسية وليس بسبب القصف الجوي. واشنطن بوست