يقدم التشكيلي فهد النعيمة حالياً في جاليري نايلا بالرياض، تجربة فريدة في نوعها حملت عنوان: (إبل فهد النعيمة)، وذلك بدافع توثيقه وولعه وعشقه الإبل، ما حداه لإفراد معرض خاص، تقديراً لأهميتها والدور الجوهري الذي لعبته "الإبل" في حياة الأجداد. حالة العشق والهيام التي تلبستني تجاه «الإبل» جسدت «الجمل» في كل حالاته الشكلية والنفسية من عنفوان وشموخ ويتميز النعيمة بقدرته على التنويع والتنقل بين التجارب والمراحل ما اكسبه عددا من التحولات الفنية ومزيدا من الفهم نحو ديمومة الفن ورسالته بشكل أوسع، وإضافة الجديد من التنوع في الطرح وتعدد الأساليب المستخدمة والجرأة في العمل، كلها عناصر غاية في الأهمية للعمل الفني وتعزز ثقة الفنان بنفسه وعمله الفني، التي كانت حاضرة عند النعيمة ليقدمها من دون تردد للمتلقي، وهو حينما يرسم، ينثر خطوطاً وألواناً هنا وهناك، مباشراً العمل على بياض اللوحة من دون أي تصميم مسبق، إذا استثنينا الفكرة المختمرة ذهنياً لديه، فتجده يقفز بها إلى عالم التجريد، بشطحات عابثة، وبوحدة شكل منتظمة، ومتوالية، لتخرج بأعمال ذات خصوصية تجريدية المعالم، مختصراً بذلك المسافات وفق صيغ جمالية متفردة، وحداثية، ولا شك أن هذه القدرة على التنوع ميزته. حضور إيجابي عن المعرض وأبعاده الفنية والبصرية يقول التشكيلي فهد النعيمة: "طفولتي التي عشتها ببلدتي ضرما، جعلتني أكثر تعلُّقاً بالبيئة البدوية، وساعدتني على التمكُّن من أدوات الرسم بالرغم من عدم دراستي الفن التشكيلي أكاديمياً، كما ساعدني في ذلك أيضاً اعتمادي على نفسي بالتثقيف والتعليم الذاتي تارة، وبالتجريب والقراءة والاطلاع تارة أخرى؛ ثم عملت على تطوير مهاراتي المكتسبة، وامتلاك كل أدواته، ومفرداته، ومن ثم بدأت رويداً رويداً في تسجيل حضور إيجابي بمشاركات متعددة هنا وهناك، حتى وفقني الله في تحقيق العديد من الجوائز المتقدمة والشهادات القيمة". معرض (إبل) ويضيف النعيمة قائلاً: "بالطبع، وكسائر الفنانين ارسم ما أحب ويستهويني شكلاً ومضمونًا، وأما عن معرض (إبل)، فقد ظلت فكرته تراودني منذ فترة طويلة، حيث تبلورت فكرته ما ترسخ في ذاكرتي من "إبل" بلدتي ضرما من دون أشياء أخرى، أو بالأحرى من حالة العشق والهيام التي تلبستني تجاهها، فضلاً عن حالة التأمل العميق للجمال وعظمة هذه الكائنات التي ظلت أكثر التصاقاً بنا كبدو، ومن ثم وبعد عمل دؤوب وشاق واصلت خلاله الليل بالنهار بات الحلم حقيقة وخرجت الفكرة لحيز العلن. وباختصار عشقي وهيامي بالابل، ورغبتي في تجسيد ما يبرز أهميته هو البذرة التي تبلورت منها فكرة هذا المعرض". تحد حقيقي ويستطرد قائلاً: ليس من السهل، كما يعتقد بعضهم، إقامة معرض شخصي، فمثل هذا المعرض يعد تحدياً حقيقياً للفنان، فالانتقال من مجرد أمنية إلى حلم إلى فكرة ثم بلورتها ومن ثم تجسيدها من خلال الإعداد قد يستغرق سنوات. أما عن مرضي الشخصي فقد استغرق تجهيزه قرابة ستة أشهر، بينما استغرق العمل والفكرة والدراسة قرابة عام ونصف العام، ولا شك أن أي معرض يسبقه بحث ودراسات متعمقة لطبيعة المجال الذي يتخصص فيه الفنان، أما عن معرضي الشخصي فبالتأكيد سبقته بحوث ودراسات متعمقة في هذا المجال، بل كنت في سباق مع الزمن بغية الخروج بعمل يرضي كل الأذواق. وهذا المعرض يضم 40 عملاً، تتفاوت احجامها من 18سم حتى 560 سم، منها اعمال ورقية وأعمال زيتية على قماش جداريات. إعجاب الجمهور وحول التقبل وردة فعل المتلقي والجمهور المعرض يؤكد قائلاً: "استمتع الجميع بما حواه المعرض من مجموعة الصور المتميزة التي تجسَّد الإبل، وقد بدا تقبل الجمهور المعرض من خلال إعجابه بالصور التي شدت انتباهه، وقد وفقت بفضل الله وتوفيقه في تصويرها بالشكل والأسلوب المعاصر وتقنيات تمثل أسلوبي في الرسم، والجمهور مندهش ومعجب جداً ليس بالصور وحدها فحسب، بل بالأعمال والفكرة والطرح والوسائل المستخدمة وطريقة العرض، لدرجة جعلت بعضا منهم يكرر الزيارة عدة مرات من فرط إعجابه". إشكال بصرية وعن أبعاد رمز "الجمل" واعتماده على الشكل البصري في افكاره، يقول النعيمة: "جسدت "الجمل" في كل حالاته الشكلية والنفسية من عنفوان وشموخ وكل صفة يحملها بخطوط صريحة وجريئة لإظهار تعابير حالاته المتعددة في سكونه وتأمله وهدوئه سواء كان وحيداً أو مع مجموعة من الإبل في الصحراء حيث الصباح والمساء والربيع والصيف الحار وفي سباق الهجن حيث التنافس والتعب، وفي (المزايين) حيث المجهول والفوضى والجمال، ولا شك أن هذه العفوية مع الاحترافية في التصوير أسهمت في إضفاء مزيد من الجمال على الاعمال، وجعل منها أكثر جاذبية ولفتاً للأنظار". الحضور خارجياً وحول المشاركات الخارجية، ومدى نجاح معرضه خارجياً يؤكد: "لا أحد ينكر التواجد خارجياً، فالمشاركات الخارجية هي حلم كل فنان، فهي وحدها القادرة على الانتقال بالفنان من أسر المحلية إلى رحابة العالمية، ويعزز الشهرة، وبالنسبة لي، وجودي من المهم وجودي خارجياً، وأنا على يقين أن ذلك من شأنه لفت الانتباه أكثر لأعمالي، ومن خلال تجربتي داخلياً اعتمدت على تقديم العرض كما ذكرت سابقاً برؤية حديثة في التصوير من خلال تنوع المواد والخطوط والتلوين وطريقة العرض والمساحات المتفاوتة، وتنوع الجمهور المحلي والخارجي الذين زاروه، ولا يساورني شك في نجاح أي معرض لفنان سعودي حال إقامته بالخارج، فكثيرون أولئك الذي لهم مشاركات خارجية ناجحة". الخيل والإبل وعن الرابط المشترك بين تجاربه السابقة عن الخيل وحالياً الابل، يقول: "الرابط هو الأصالة والقوة والجمال الذي يغري المتأمل في خلق الله، ويغري الشاعر والفنان، فسبحان من صورهم، ولكل منهم صفاته وشكله الأصيل المنتمي للصحراء، فكوني رسمت الخيل والإبل لما يحملانه من تفاصيل في غاية الروعة شكلياً وحركياً". وفي الختام يكشف عن تجاربه المقبلة عن الإبل قائلاً: يجب أن تكون المعارض دائمة ومستمرة، وهذا المعرض سيستمر حتى 24 فبراير، وربما ينتقل بعدها إلى محطات أخرى، وتجربة "الإبل" احتمالية استمرارها ليس شرطاً بمعرض آخر لكن التجربة رسخت مع تطويرها مستقبلاً أو ربما تتوقف. جانب من المعرض من أعمال فهد النعيمة فهد النعيمة