هل تتصور حياتنا بلا سيارة أو كهرباء أو هاتف أو حتى ثلاجة صغيرة!؟ - هل تتصور حياة البشر بدون وسائل الزراعة الحديثة أو شرائح السيليكون السريعة أو الأجهزة الطبية المساعدة!؟ .. الغريب أن هذه الأجهزة (على أهميتها) تُعد حديثة نسبياً في عصر البشرية. فلو اختصرنا الزمن - منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها - بأربع وعشرين ساعة تكون هذه الابتكارات قد ظهرت في آخر ثننيتين فقط. فحياة البشر ظلت مستقرة هادئة خلال قرون طويلة حتى تغيرت فجأة - وبشكل جذري - بفضل مجموعة من الاختراعات المهمة.. انظر إلى السيارة مثلاً وحجم التغيير الذي أحدثته في حياتنا الشخصية والاجتماعية، فاختراعها ساهم في خروج المدن - لأول مرة في التاريخ - إلى ابعد من أسوار الحجر والطين. ومن أجلها كيفنا شوارعنا وغيرنا أسلوبنا في البناء والتخطيط - وأصبحنا أكثر قدرة على التحرك والسفر.. وفي المقابل لم تغير أعظم الامبراطوريات القديمة - ولا أقوى الجيوش الحديثة - حياة الإنسان العادي بنفس القدر والمستوى.. وقُل الشيء نفسه عن معظم الاختراعات الحديثة التي تداخلت مع حياتنا بشكل جذري (بحيث يمكن القول إن مونوليكس وسامسونج وجنرال إلكتريك غيرت حياة البشر أكثر مما فعلت حروب هتلر وصواريخ روسيا وجيوش أمريكا مجتمعين)!! غير أن الحديث عن الاختراعات العظيمة لا ينفصل عن الشركات العظيمة التي تبنتها وصنعتها وقدمتها إلينا. فالاختراعات العظيمة تبقى مجرد أفكار ذكية و(رسوم على الورق) ما لم تتحول لمنتج صناعي يمكن استخدامه ودمجه في حياة الناس. وعلى هذا الأساس يصعب الحديث عن السيارة والطيارة والكهرباء بدون الإشارة إلى شركات صنعتها وتبنتها منذ البداية مثل فورد وبوينغ وجنرال إلكتريك. وكان هوارد روثمان (وهو رجل أعمال أمريكي) قد وضع تصنيفاً لأعظم خمسين شركة غيرت حياة الناس في كتاب يحمل نفس الاسم.. وقد اختار في المركز الأول شركة ميكروسوفت لبرامج الكمبيوتر بسبب سيطرتها على أكثر من 90٪ من برامج الكمبيوتر الشخصية في حين وضع شركة الاتصالات الأمريكية AT&T في المركز الثاني بفضل ابتكاراتها العريقة في عالم الاتصالات وامتداد تأثيرها في كل أنحاء العالم.. أما في المركز الثالث فوضع شركة فورد التي جعلت السيارة في متناول الجميع بفضل ابتكار خطوط الإنتاج السريع (لدرجة أن فورد رفع شعار: يمكن للجميع اختيار السيارة التي يريدها طالما كانت باللون الأسود). ومن الشركات العظيمة (التي غيرت حياة الناس) هناك: ٭ بوينغ التي ربطت طائراتها بين أرجاء الأرض وأتاحت للبشر سهولة الانتقال بين القارات البعيدة خلال ساعات قليلة. ٭ وجنرال إلكتريك التي كان لها الفضل في تطوير الكهرباء ومد الشبكات الكهربائية في المدن الحديثة. ٭ وشركة IBM التي قادت صناعة الكمبيوتر في بدايتها الأولى ووضعت مقاييس نموذجية سارت عليها الشركات التالية. ٭ وشركة سوني اليابانية التي تحولت من ورشة حدادة صغيرة إلى عملاق إلكتروني أسس لصناعات إلكترونية كثيرة. ٭ ووكالة الأنباء الفرنسية التي (رغم كثرة الوكالات المنافسة) تُعد الأقدم عالمياً والأسبق في تأسيس فكرة نقل الأنباء وتداولها حول العالم. ٭ وشركة كوكاكولا التي ابتكرت فكرة المشروبات المرطبة وغيرت عادات الناس في تناولها (لدرجة أصبحت الكولا ثاني أكثر سائل يشربه البشر بعد الماء)! ٭ وهناك أيضاً شركة ماكدونالدز التي روجت لفكرة الطعام السريع وغيرت عادات الأكل والطبخ في مناطق كثيرة حول العالم! ٭ وأخيراً - وليس آخراً - شركة ياهووو التي ابتكرت أول محرك بحث على الإنترنت وأسست لثورة حقيقية في مجال توفير وتصنيف المعلومات. .. الظاهرة التي يصعب إنكارها أن معظم الشركات التي أحدثت تغييراً في حياتنا المعاصرة تحمل (الجنسية الأمريكية).. فرغم أن جميع الأمم بنت امبراطوريات عظيمة إلا أن الأمريكان - حين أتى عليهم الدور - شذوا عن القاعدة وبنوا شركات عظيمة!