أعرب البيت الابيض في عطلة نهاية الاسبوع عن موافقته على خطة لانسحاب تدريجي للقوات الاميركية من العراق اعتبارا من 2006 اقترحها احد الاعضاء الديموقراطيين في مجلس الشيوخ. وتحدثت الرئاسة الاميركية بشكل ايجابي السبت عن خطة للانسحاب اقترحها السناتور الديموقراطي جوزف بيدن العضو في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، موضحة انها «تشبه إلى حد كبير خطة» البيت الابيض. وتنص هذه الخطة على اعادة نحو خمسين الف جندي (من العراق حيث ينتشر 150 الف جندي حاليا) بحلول نهاية 2006 إلى الولاياتالمتحدة ثم «عدد كبير» من المئة الف الباقين في السنة التالية. وهي تقضي بالابقاء على «قوة عسكرية اميركية صغيرة» في العراق او قربه لتتمكن من ضرب تجمعات المتمردين في حال الضرورة. وكان بيدن تحدث عن خطته هذه في خطاب في 21 تشرين الثاني/نوفمبر في نيويورك، موضحا انها تحتاج إلى اعمال تحضيرية في الاشهر الستة الاولى من العام المقبل.وتنص هذه الخطة ايضا على تشجيع تسوية بين الفصائل العراقية يوافق بموجبها السنة على التخلي عن حكم العراق بينما يشركهم الشيعة والاكراد في ترتيبات تقاسم السلطة، وبناء قدرات الحكم العراقية. كما تقضي بنقل السلطة إلى القوات الامنية العراقية واقامة مجموعة اتصال من القوى الكبرى في العالم لتصبح المحادث الدولي الرئيسي للحكومة العراقية. وكان المسؤولون في ادارة الرئيس جورج بوش ردوا بعنف على دعوة لانسحاب فوري من العراق وجهها النائب الديموقراطي جون مورتا في وقت سابق من الشهر الحالي. وترفض ادارة بوش حاليا وضع اي برنامج للانسحاب مؤكدة ان ذلك قد يعزز حركة التمرد. كذلك عبر البيت الابيض عن ارتياحه لتعديل اقره مجلس الشيوخ بغالبية كبيرة في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، يطلب من الحكومة الاتحادية جعل العام 2006 «مرحلة مهمة للانتقال إلى سيادة عراقية كاملة» مما يسمح بتوفير شروط «اعادة انتشار تدريجية للقوات الاميركية في العراق». ورأى المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان تصويت مجلس الشيوخ الذي اعتبره عدد كبير من المراقبين نقدا مباشرا للحكومة، يتطابق مع «استراتيجية الرئيس (بوش) في العراق». وجاءت تصريحات مسؤول عراقي الاحد لتؤكد استراتيجية الانسحاب التدريجي هذه. وقال موفق الربيعي مستشار الامن الوطني العراقي لشبكة التلفزيون الاميركية «سي ان ان» ان عدد الجنود الاميركيين في العراق سيكون اقل من مئة الف في بداية 2007 . وقال الربيعي «سينسحب ثلاثون الف جندي اميركي على الارجح خلال القسم الاول من العام المقبل يليهم ثلاثون الفا آخرون بحلول نهاية العام المقبل». وردا على سؤال حول ما اذا كان ذلك يعني ان عدد الجنود الاميركيين سيكون اقل من مئة الف بحلول العام 2007، اجاب الربيعي «بالضبط». اما اعضاء مجلس الشيوخ فقد رأوا ان انسحابا تدريجيا سيشجع العراقيين على تولي المزيد من مسؤولياتهم في مجال الامن.وقال ريتشارد لوغار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ لشبكة التلفزيون «فوكس نيوز»، «علينا ان نضغط على العراقيين ليتحركوا (...) نحتاج إلى خطة واضحة لاننا سنقوم بخفض القوات على الارجح» في 2006.وأكد عضو مجلس الشيوخ روس فينغولد لشبكة التلفزيون «ايه بي سي» من جهته «اعتقد ان (انسحابا) سيساعد العراقيين فعلا في التجمع وفي ان يصبحوا قادرين على بناء بلد». وأضاف «طالما ان وجود القوات ينظر اليه على انه احتلال اميركي سيساعد ذلك الزرقاوي والآخرين على جذب متمردين وارهابيين (...) وجودنا يفاقم الامور». الا ان وزير الخارجية الاسبق هنري كيسينجر رأى على شبكة «سي ان ان» ان التسرع في الانسحاب «يمكن ان يؤدي إلى كارثة» اذا تحول العراق إلى ملاذ للارهابيين بعد رحيل الاميركيين. واخيرا ذكرت مجلة «نيوزويك» في عددها أمس الاثنين ان الرئيس بوش سمح لسفير الولاياتالمتحدة في بغداد زلماي خليل زاد بالتحدث مباشرة إلى إيران للحصول على مساعدة في وجه حركة التمرد في العراق. وقال خليل زاد للمجلة «سمح لي الرئيس بالاتصال مع الإيرانيين»، مؤكدا ان «لقاءات ستجري». وستكون هذه الاتصالات الاولى على هذا المستوى بين واشنطن وطهران منذ قطع العلاقات بين البلدين في 1979. وحذر وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر من ان انسحابا متسرعا للقوات الاميركية من العراق قد يؤدي إلى «كارثة» سياسية وعسكرية. وأوضح كيسنجر الذي كان وزيرا للخارجية في ادارتي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد «ان الانسحاب من العراق قد يؤدي إلى كارثة». وقال في مقابلة مع محطة «سي ان ان» التلفزيونية «يجب ان نتذكر دائما هدفنا فاذا تركنا العراق في ظل ظروف قد تؤدي إلى قيام حكومة راديكالية فيه او ان يتحول جزء من هذا البلد إلى ملاذ للارهاب، سيتحول الوضع إلى كارثة ستؤثر على العالم باسره». وأضاف ان الطبيعة العالمية للارهاب تجعل من الصعب تحديد استراتيجية لانسحاب القوات الاميركية من العراق. وقال وزير الخارجية السابق «الارهاب ليس محددا بالعراق، فقد انتقل من بالي إلى اندونيسيا وصولا إلى اوربا الوسطى مرورا بالكثير من الدول، مثل السعودية وتركيا وتونس والمغرب واسبانيا». وقال «يجب أن نسأل أنفسنا بعمق ماهو الوضع السياسي الذي يسمح لنا بسحب قواتنا والا نكتفي بالتفكير بمستوى تدريب القوات العراقية».