في رحلتنا الضوئية إلى الصين كنّا نركز في اللقطات الفريدة بحسب المكان والزمان واللحظات الإنسانية المميزة، فنبحث عن المدن والقرى والجزر المتفردة في الطبيعة والسكان الأصليين. استيقظنا الثالثة صباحاً قبل طلوع الشمس بثلاث ساعات لندرك لحظات بزوغ الفجر البارد وشروق أشعة الشمس الدافئة في تلك الجزيرة الصغيرة. استقلينا سيارة لمدة ساعة ونصف من مكان إقامتنا في يانغشو ثم ركبنا قاربا ليوصلنا إلى الجزيرة، وحين وصلنا التقينا برجل كبير السن قضى جلّ حياته في صيد الأسماك. بدأنا لقاءنا معه بابتسامة وتبادلنا الأحاديث البسيطة وما هي إلا لحظات وبدأ نور الفجر يتسلل في الأفق، حدد كل منا زاويته واتخذ موقعه وانطلق الصياد إلى النهر بعدما أشعل سراجه ونحن بالكاد نراه. كانت لحظات حالمة في مشهد من مشاهد الحياة التي لا يتكرر كثيرا على الأقل بالنسبة إلينا. نهرٌ ساكنٌ تقف وراءه سلسلة جبال شاهقة، فَرَد ضوء الفجر خصلاته على متونها، يتوسط المشهد قارب هادئ يسبح نحو النهر؛ على ظهره صيادٌ وقنديلٌ وطائرٌ يخبئ رأسه تحت جناحيه تحت ضوء القنديل الخافت، والصياد بلباسه التقليدي يرفع شباكه عاليا ليلقيها في النهر مع تسلل أشعة الشمس من خلف الغيوم وتناغم جميل بين ظهور بخار النهر وارتفاع الضباب ليعانق قمم الجبال في لوحة يحتار الفن والأدب والضوء في وصفها.