أعربت المملكة العربية السعودية أمس عن شعورها بالقلق البالغ إزاء تزايد الخطاب العدائي والعنصري وغير الإنساني ضد اللاجئين بصفة عامة، والمسلمين منهم بصفة خاصة، داعية الدول والهيئات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الارتقاء عن أي خطاب عنصري والمساهمة في رفع الوعي وتحمل المسؤولية في سبيل تقديم الحماية اللازمة للمُهجّرين واللاجئين الذين يلوذون بالفرار من نيران السلطات الجائرة والجماعات الإرهابية. جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها أمس نائب المندوب الدائم لوفد المملكة العربية السعودية لدى الأممالمتحدة المستشار سعد بن عبدالله السعد أمام الجمعية العامة البند 130 "الوعي العالمي بمآسي المهاجرين غير القانونيين في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، مع التركيز بصفة خاصة في ملتمسي اللجوء السوريين". وقال: إننا أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية حيث تؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن هناك ما يقارب ال 20 مليون لاجئ وال 40 مليون نازح، وهي أعداد تتزايد كل يوم أمام نقص في التمويل وغياب للآليات المناسبة للحماية. وتمثل الأزمة السورية أكبر مأساة إنسانية شهدها القرن الحادي العشرون، فلقد تجاوز عدد المُهجّرين والنازحين نصف سكان سورية حيث بلغ عدد المُهجّرين ما يفوق الأربعة ملايين نسمة بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وفاق عدد النازحين السبعة ملايين ونصف المليون شخص، وفقاً لمكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وشكلت أفواج اللاجئين الفارين من سورية إلى الدول المجاورة تحدياً كبيراً في محاولة تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين من توفير للمأوى والرعاية الصحية والتعليمية بما يحفظ كرامة اللاجئين ويضمن حمايتهم. وأضاف: تظل المملكة العربية السعودية مستعدة دوماً للتعاون مع أجهزة الأممالمتحدة المختلفة للتعامل مع هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة من خلال العمل على إيجاد آليات مناسبة للحماية وتوفير الدعم المالي المناسب وتقديم الدعم للدول المستقبلة للاجئين. وأوضح نائب المندوب الدائم لوفد المملكة لدى الأممالمتحدة أن "المملكة العربية السعودية استقبلت منذ بداية الأزمة السورية 2،5 مليون لاجئ سوري وحرصت على عدم التعامل معهم كلاجئين، أو تضعهم في معسكرات لجوء، حفاظاً على كرامتهم وسلامتهم، ومنحتهم حرية الحركة التامة، ومنحت لمن أراد البقاء منهم في المملكة الذين يبلغون مئات الآلاف، الإقامة النظامية أسوة ببقية المقيمين، بكل ما يترتب عليها من حقوق في الرعاية الصحية المجانية والانخراط في سوق العمل والتعليم، حيث بلغ عدد الطلبة السوريين ما يزيد على 100 ألف طالب سوري على مقاعد الدراسة المجانية. ولم تقتصر جهود المملكة على استقبال الأشقاء السوريين واستضافتهم بعد مأساتهم الإنسانية في بلدهم، بل امتدت جهودها لتشمل الدعم ورعاية الملايين من السوريين اللاجئين إلى الدول المجاورة لوطنهم في كل من الأردنولبنان وغيرها من الدول. واشتملت الجهود على تقديم المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع حكومات الدول المضيفة لهم، وكذلك مع منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية، سواء من خلال الدعم المادي أو العينى". وبين أن قيمة المساعدات الإنسانية التي قدمتها المملكة للأشقاء السوريين بلغت نحو 700 مليون دولار، وذلك حسب إحصائيات المؤتمر الدولي الثالث للمانحين، المنعقد في دولة الكويت الشقيقة بتاريخ 31 مارس 2015م لدعم الوضع الإنساني في سورية، شاملة المساعدات الحكومية، وكذلك الحملة الشعبية التي انطلقت في عام 2012 باسم "الحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سورية". كما شملت المساعدات الإنسانية تقديم المواد الغذائية والصحية والإيوائية والتعليمية، بما في ذلك إقامة عيادات سعودية تخصصية في مخيمات مختلفة للاجئين أهمها مخيم الزعترى في المملكة الأردنية الهاشمية، وفي مخيمات المعابر الحدودية، حيث تمكنت من توفير الرعاية الطبية المتمثلة بتقديم اللقاحات والعلاجات الوقائية، وإجراء العمليات الجراحية، علاوة على تكفلها بحملات مختصة بإيواء عدد كبير من الأسر السورية ذات الحالات الإنسانية الخاصة في كل من لبنان وسورية". وقال نائب المندوب الدائم لوفد المملكة لدى الأممالمتحدة المستشار سعد بن عبدالله السعد: إن المملكة تشعر بقلق بالغ إزاء تزايد الخطاب العدائي والعنصري وغير الإنساني ضد اللاجئين بصفة عامة، والمسلمين منهم بصفة خاصة، وندعو جميع الدول والهيئات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الارتقاء عن أي خطاب عنصري والمساهمة في رفع الوعي وتحمل المسؤولية في سبيل تقديم الحماية اللازمة للمُهجّرين واللاجئين الذي يلوذون بالفرار من نيران السلطات الجائرة والجماعات الإرهابية". واستطرد قائلاً: "يود وفد بلادي أن يؤكد بعض النقاط المهمة: يجب العمل على اتخاذ خطوات فعلية لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية وعدم الاكتفاء بعبارات المواساة والتعبير عن القلق، ويجب ألا نسمح للخوف بسبب خطر الهجمات الإرهابية وتصاعد وتيرة الخطابات العنصرية أن تفقدنا روح التضامن مع اللاجئين وتوفير سبل الحماية لهم وعدم تعريضهم للاضطهاد والتمييز، وفقا للقانون الدولي والمعايير الإنسانية، ويجب العمل على إيجاد آليات دولية مناسبة وفقاً لمعايير تحمل المسئولية المشتركة بين الدول". وخلص المستشار إلى القول: إن أهم ما نستطيع عمله لحل مسألة اللاجئين هو معالجة الأسباب الجذرية للأزمات التي تدفعهم للجوء خارج أوطانهم ومن أهمها الأزمات السياسية، ومن هذا المنطلق فإننا نذكر مجدداً بدعوتنا للعمل الجدي نحو الحل السياسي للأزمة السورية وفقاً لإعلان جنيف 1 بصفة فورية وعملية، وعدم الاكتفاء بالشعارات أو محاولات الالتفاف على إرادة الشعب السوري وإطالة معاناته الإنسانية وزيادة أفواج اللاجئين السوريين.