يتأخر الفجر هذه الأيام، واقاوم عيناي النعسة من ان تغط في اي درجات النوم حتى لا اجدد وضوئي في المحطة. اليوم اعددنا العدة بشاي ساخن، وايضاً علينا ان لا نسرف في الشرب، تحسباً للطريق الخالي من الحياة. باب السيارة مع الشتاء، صار ثقيلاً جداً وانا اسحبه كل ما نزلنا وركبنا، ولأني لازلت الوحيدة المتشبثة بمقعدي تبقى مسؤوليتي فتحه واغلاقه. ورفيقات السيارة على سريرهن الافتراضي خلفي، كنسخة من أسِرة التعذيب الجسدي وتفكك المفاصل من اهتزاز السيارة. لا يضرهن ما شاء الله، هنيئاً لهن، اليوم كان الطريق للمصلى بارداً جداً رغم ما ارتديه من صوف وكل عدتي للشتاء، المصلى، قصة لا تستحق النشر من اهمال وانتشار الذباب، ورائحة دورات المياه، المهم ان نسجد ونركع ونؤدي فرضنا واجبا دينيا، اما النظافة فلا يهم. في رفقتنا اليوم نحن افواج المعلمات 3 فتيات صغيرات، صغيرتان بعمر الخمسة والاربعة واصغرهن بعمر السنة والنصف. في منظر رث وملابس مهترئة خفيفة جداً في هذا البرد القارص. وهيأتهن ومنظر شعرهن وكأنهن لم يعرفن المشط ولا الماء. الكبرى تطوق الصغيرة بكلتا يديها وأمها تقف أمامي تصلي. تتهامسان وتضحكان بكل براءة وعفوية. وعيونهن من اجمل ما خلق الله. ينظرن إلي حين سلمت وقابلتهن بنظراتي. تضحكان وتدسان وجهيهما بعضهن بأجساد بعض. أنهت أمهن الصلاة، لم تتكلم، اشارت اليهما، ومشتا خلفها. والكبرى تحمل الصغيرة والوسطى تُلبسها حذاءها..