تخيل أنك مسافر إلى هيروشيما وتمكنت في ثوان محدودة من تعلم اللغة اليابانية لينطق بها لسانك كأي ياباني عاش في مرابع الساموراي.. ماذا لو استطاع ابنك تعلم الجودو في عشر ثوان! ما أتحدث عنه عالم قد نعيشه قريباً في السنوات القادمة.. مقالة اليوم تبحر بكم إلى مستقبل الدماغ البشري.. يقول العالم المشهور ريموند كرزويل (Ray Kurzweil) في محاضرة ألقاها مؤخراً بجامعة سنجيولاريتي بوادي السيليكون أن البشرية ستصل مرحلة من التقدم العلمي عام 2030م تمكننا من ربط أدمغتنا مباشرة بالانترنت والتخزين السحابي. بكلمة أخرى قد نتمكن من تخزين كل ما نراه بأعيننا على شكل صور ومقاطع فيديو وكذلك التسجيلات الصوتية لما نقول وما نسمع. وفوق هذا سنتمكن بأدمغتنا من البحث في الانترنت في لحظات عن كل ما نحتاجه من معلومات.. ولأُبسطَ الصورة أكثر، فنستطيع القول مجازاً إننا مرتبطون بالانترنت بشكل غير مباشر عبر الهواتف الذكية التي في أيدينا... في العالم الذي نتحدث عنه هنا لن نحتاج للهواتف الذكية حيث ستكون أدمغتنا مرتبطة مباشرة بالانترنت. وكما نستطيع تحميل التطبيقات والبرامج حسب احتياجنا للهواتف فسنستطيع تحميل المهارات والمعلومات التي نحتاجها حسب حاجتنا إلى أدمغتنا. ولذلك سيكون ممكناً تحميل اللغة الفرنسية والصينية وحتى اللكنات واللهجات كذلك.. وقد نصل لمرحلة يمكن فيها تحميل المهارات كالسباحة والكاراتيه والتزلج على الجليد إلى أدمغتنا تماماً كما يتم برمجة الروبوتات على الحركات الجديدة! هنا قد يتساءل البعض: وكيف سيكون ذلك ممكنا؟؟ يعلق العلماء الآمال على الروبوتات الدقيقة المصنوعة من الحامض النووي (DNA) بحيث تكون متناهية الصغر ولا ترى بالعين المجردة وتستطيع السباحة والتنقل بين خلايا الدماغ العصبية. ويطلق على هذه الروبوتات مسمى (نانوبوت) حيث ستلعب هذه الروبوتات دور الموصلات ما بين الدماغ والانترنت. وشاهدت بعيني مشروعات تقنية بجامعة تسوكوبا اليابانية بقيادة العالم (يوشييوكي سانكاي) تمكن المعاقين وكبار السن من تحريك أقدام وأذرع روبوتية آلية بواسطة إشارات عصبية من الدماغ البشري. وتم طرح هذه الاختراعات كمنتجات في السوق الياباني حاليا. وفيما يتعلق بالروبوتات متناهية الصغر فحسب صحيفة الديلي ميل (10 / 4 / 2014) فقد نجح فريق بحثي من جامعة هارفارد وجامعة بار ايلان الاسرائيلية في العام الماضي في حقن روبوتات متناهية الصغر مصنوعة من الحمض النووي في (صراصير) ونجحت التجربة في التحكم في هذه الروبوتات في نقل الأدوية ومعالجة الأمراض. من ناحية أخرى نقل موقع فوكس نيوز هذا العام (23 / 1 / 2015) عن تطبيق هذه التجربة وحقن الفئران بالروبوتات متناهية الصغر في جامعة كاليفورنيا سان دييغو. ونجحت الروبوتات المصنوعة من الزنك في حمل أدوية لعلاج الأعضاء المصابة بالمرض داخل الفئران.. ويرى العالم (جيمس فرند) من نفس الجامعة أن إرسال الروبوتات متناهية الصغر إلى الدماغ لعلاج الأمراض لن يستغرق سوى سنتين إلى خمس سنوات ليدخل حيز التنفيذ العملي. بالمقابل فيرى المعارضون لهذه الفكرة أن الكثير من أسرار الدماغ لا تزال غامضة.. كما أن المشكلة القانونية بالسماح بتطبيق هذه العلاجات قد تستغرق وقتاً طويلاً. ولو فرضنا بتقبل المرضى لإدخال هذه الروبوتات الصغيرة لأدمغتهم فلن يتقبل الأصحاء بسهولة هذه الفكرة! شخصياً أخشى أن تتسبب هذه التقنيات في تسهيل عمليات الاختراق لأدمغة البشر والتحكم بها لا قدر الله عبر الروبوتات المتناهية الصغر.. كما أراها في الوقت نفسه فرصة كبيرة لنهوض البشرية لمراحل أكثر تقدماً في الحضارة وفي المجالات الطبية والتعليمية كذلك.. وأختم بكلمات (ريموند كرزويل): "عندما ستتحدثون إلى البشر عام 2035م، ستتحدثون إلى أشخاص يمتلكون خليطاً من ذكاء الدماغ والذكاء الاصطناعي!".