لا تتوقف التكنولوجيا الذكية عند حدود الترفيه، وتصر دوما أن يمتد دورها لما هو أبعد من خلال التعامل مع حواس الإنسان وقدرته على أداء وظائفه الحيوية على اختلاف أشكالها، وذلك من خلال الشرائح الذكية. وكشف مجموعة من الباحثين من جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية مؤخرا النقاب عن توصلهم إلى تركيب شريحة ذاكرة إلكترونية USB داخل دماغ الإنسان، بحيث يتم تزويد الشريحة بجميع المعلومات التي يتذكرها الإنسان أو تلك التي يريد الاحتفاظ بها إلى الأبد، سواء لأسباب مهنية أو عاطفية أو دراسية. وتقوم فكرة الشريحة التي يتوقع العلماء أنها ستكون بمثابة الوصفة الطبية المتاحة في الصيدليات في أقل من 10 سنوات من الآن، على زرع الذاكرة في جزء غير متضرر من دماغ البشر، لتساعد الأجزاء المتضررة سواء بسبب حادث أو بسبب الزمن، حيث يعول العلماء على الأقطاب السالبة والموجبة في نقل المعلومات إلى الدماغ فيزيائيا وهو ما نجح مع الفئران والقردة حتى الآن. ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية عن العلماء القائمين على تصنيع الشريحة الإلكترونية الذكية، قولهم إن عددا صغيرا من البشر تطوع ليتم تزويده بالشريحة بعد عامين، مضيفين أن "الشريحة الذكية تعد تطويرا لما سبق أن قام به العلماء من قبل، عندما نجحوا في العثور على طريقة لإنعاش الخلايا العصبية في الدماغ، بشكل يعيد للمرء الذكريات القديمة بشكل واضح تماما، وذلك بفضل دراسات جرت على فئران سمحت بالتعرف على إنزيمات قادرة على تنشيط الذاكرة، وقد تفتح أبوابا واسعة لفهم عمل الدماغ ومعالجة أمراض مثل الزهايمر والخرف. وفي نفس السياق فإن صناعة الحواسيب في طريقها لاتخاذ خطوة إلى الأمام، مع إعلان شركة (آي بي أم) عن صنع شريحة مصممة لتقليد قدرة العقل البشري على فهم محيطه، والتصرف وفقا لما يحدث حوله، واستشعار البيانات المعقدة". كما نجحت مجموعة أخرى من العلماء في ذات الجامعة في الاستعانة بالشرائح الذكية لعلاج مرضى الصرع الذين لا يستجيبون للعلاج بالأدوية عن طريقة زرع خلايا خاصة في الدماغ، حيث تمكنت هذه الخلايا من إيقاف مسار الإشارات الصادرة عن الخلايا المصابة التي تسبب نوبات الصرع، وذلك خلال البحث الذي نشرت نتائجه في مجلة العلوم العصبية الطبيعية. وقال سكوت براهام، الباحث في العلوم العصبية والمشرف على هذا البحث إنه "يزداد التركيز الآن على أبحاث زرع الخلايا في الدماغ كعلاج فعال لمعالجة الصرع وذلك لأن الأدوية الحالية تعالج الأعراض فقط ولا تعالج المسبب، كما أن الكثير من حالات الصرع لا يمكن علاجها بالأدوية الحالية". بدورها، صممت شركة "chatperf" اليابانية جهازا يستطيع إرسال روائح لمسافات معينة، وصمم الجهاز، والذي أطلقت الشركة عليه اسم "Scente"، بحيث يتلاءم مع أجهزة الهواتف الذكية، ومن خلاله سيتمكن المستخدم من الإحساس بالروائح خلال ممارسة الألعاب مثلا، أو إرسال رائحة معينة إلى شخص ما. وتنوي الشركة عمل شرائط من الروائح المختلفة، يمكن تبديلها في أي وقت، لتتيح للمستخدم اختيار الروائح بنفسه، حيث يرتبط الجهاز بالهاتف الذكي عن طريق مداخله الأساسية. ويربط الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون التكنولوجيا الذكية رضا المسلمي في تصريحات إلى "الوطن" بين تلك التطورات المتلاحقة وبين إقبال الناس على استخدامها في أجسادهم دون خوف، مضيفا أن "التقنية الذكية سبق لها أن نجحت في تصميم قوقعة إلكترونية يمكن زراعتها في الأذن وتقوم بتحويل الإشارات الصوتية إلى صوت واضح لمن يعانون من الصمم، كما نجحت في تصميم يد إلكترونية تعمل على تحريك الأشياء من خلال نبضات رقمية خاصة، فضلا عن تطوير إنسان آلي متناهي الصغر يمكنه المساعدة في إزالة الخلايا السرطانية الضارة من جسم الإنسان، وكذلك ركبة صناعية إلكترونية تمكن الإنسان من الحركة بواسطتها وممارسة أنشطته اليومية، كما أنهم نجحوا من قبل في تصميم عدسات تمكن الإنسان من رؤية الصور مجسدة أمام عينيه، مثل استعراض رسائل البريد الإلكتروني وألعاب الفيديو، ولذا كان الإقبال من قبل الإنسان على الاستفادة من تلك التكنولوجيا دافعا كبيرا للعلماء والباحثين لمواصلة الطريق وهو ما يؤكد أن السنوات المقبلة ستشهد نقلة نوعية في الجانب التكنولوجي في مختلف جوانب الحياة".