الوعي الصحي له دور كبير في منع حدوث المرض أولا وتخفيف وطأته على المريض اذا حدث ثانيا.. فهناك فرق كبير بين من يقرأ ويتثقف عن مرضه ومرض من يعز عليه ويعرف ما هو المطلوب منه وما سيحدث مستقبلا في حالته المرضية وبين من يتعامل مع مرضه على أساس (ننتظر ونرى ما سيحدث!!) وهذه طريقة خطرة في التعامل مع امراض القلب لأن تعاون المريض وثقافته جزء لا يتجزأ من خطة العلاج وركن أساسي في منع حدوث المضاعفات وتقليل فجوة التفاهم بين الطبيب ومريضه...ولنأخذ مثلا لمرض شائع دوليا في بني البشر ونستعرض امثلة محلية لحالات كان عدم وعي المريض سببا أساسي في تدهور حالته فعلى سبيل ضرب المثال رأيت حديثا عدة حالات لمرضى رجالا ونساء استهزأوا بالضغط ولم يحملوه محمل الجد.. فدفعوا الثمن غاليا من صحتهم أولهم (سليمان) رجل في الأربعين من عمره له 15 سنة يعرف أن معه ضغطا ولكنه مرة يحاول بالحمية وترك الملح والاكثار من شرب الكركديه ومرة بترك التدخين وإنقاص الوزن.. وإذا اشتد عليه الضغط بالصداع وضيق التنفس أخذ الدواء فترة من الزمن حتى ينتظم الضغط.. ثم يوقف الدواء!! ذلك لأن من حول (سليمان) أقنعوه أن الأدوية سموم تضر الجسم أكثر مما تنفعه.. وما هي إلا مكاسب لشركات الأدوية على حساب صحة الناس!!.. وفي النهاية فإن جهل (سليمان) قاده إلى قصور الكلى والحاجة إلى الغسيل الكلوى!!.. وأمثاله في ذلك كثير بل إن عدم التحكم بالضغط من أشهر أسباب الفشل الكلوي والحاجة للغسيل الكلوي محليا.. وعلى الرغم من ان شهادة (سليمان) جامعية.. بكالوريوس اعلام.. الا انه ليس شرطا ان ينعكس النجاح الاكاديمي للمريض على وعيه الصحي !! ثانيهما (منيرة)سيدة متزوجة لديها ضغط وتحاول أن تعالجه بالأعشاب والكركديه والثوم والبصل وخبأت عن زوجها أن لديها ضغطا كسبا لوده وألا يرى فيها عيبا!!.. ثم حملت وخلال الحمل اشتد عليها الضغط ولم تكن تنتظم على الأدوية فأصيبت بتسمم الحمل واضطرت أن تلد الطفل مبكرا وعمره ستة أشهر وأدخل العناية المركزة مع مشاكل طبية في الرئتين والعينين.. هذه المشاكل الصحية في الطفل ستضطر هي ووالده معالجتها والتعامل معها ما تبقى من عمره !!.. كل ذلك كان بسبب قلة وعيها وعدم اهتمامها بالضغط وسكوت زوجها عن ذلك بسبب ضعف وعيه الصحي .. ثالثهما (سعود) شاب يبلغ 25 سنة من عمره تم تشخيصه وعمره 18 سنة بضغط شديد ولكن غره شبابه وصحته فأهمل علاج الضغط وعندما وصل 25 سنة أحس بضيق شديد في التنفس وأدخل المستشفى فكان لديه فشل شديد في القلب!! والسبب كان إهماله للضغط وعدم معالجته بسبب ضعف وعيه الصحي !! ومن الأدلة على حجم تأثير الوعي الصحي على صحة مريض القلب انه في دراسة حديثة نشرت مايو 2015 في مجلة القلب الأميركية على 1379 مريضا بضعف القلب تمت متابعتهم لمدة 20 شهرا تم قياس الوعي الصحي لديهم عن طريق أسئلة محددة ومتعارف عليها لقياس الوعي الصحي حيث وجد أن الأشخاص الذين كانت نتائجهم أقل من المتوسط 32% أكثر عرضة للمضاعفات القلبية خلال السنتين القادمتين مقارنة بمن كانت درجاتهم فوق المتوسط.. ولعل السبب الواضح في هذه النتيجة أن ضعف الوعي الصحي وعدم إدراك المريض لحالته يسبب عدم اهتمام المريض بأدويته ومواعيدها ومراجعة طبيبه مما يؤثر سلبا على صحته، وبالتالي تدهورها بشكل سريع ويضاف إلى ذلك عدم معرفة الإشارات المبكرة لتدهور صحته، وبالتالي التدخل المبكر بالتواصل مع طبيبه. لا تنسَ أدوية الضغط أثناء انشغالك بعملك المشكلة في الضغط أنه قاتل صامت بمعنى أن الأعراض لا تأتي إلا على شكل مضاعفات متأخرة على الدماغ والكلى والقلب... فتظهر عندئذ كثرة الصداع وآلام الرقبة والجلطات الدماغية سواء العابرة منها أو الثابتة وضيق التنفس والخفقان وفشل القلب وقصور الكلى.. إلخ ولو كان ارتفاع الضغط في أول بداياته يصيب المريض بجلطة قلبية مباشرة لما تردد أي مريض في أخذ الدواء من أول وهلة بل والانتظام عليه ولكنها طبيعة بني آدم.. النسيان والتراخي فيما ليس منه ضرر مباشر وسريع ولذلك يسمى بالقاتل الصامت. وقد يسأل سائل فكيف نرفع الوعي الصحي.. هناك طرق كثيرة أولها بسؤال المريض طبيبه عن حالته وأين يقرأ عنها وماهي المواقع التي ينصحه بها. فبعض مواقع الشبكه العنكبوتية ضررها أكثر من نفعها وليس هناك طريقه للتمييز بينها أفضل من سؤال الطبيب الذي يرتاده المريض ويشرف على علاجه ... بل وإذا كانت هناك نقاط استفهام او أسئلة عن الموضوع يناقشها مع طبيبه. والخلاصة أن الضغط مرض مزمن يسهل تشخيصه وعلاجه لكن يظل الوعي الصحي هو حجر الأساس في طريقة تعامل المريض مع هذا المرض وتكون هذه المسؤولية مشتركه بين المريض والطبيب والإدارة الصحية المسؤولة عن العلاقة بينهما. الوعي الصحي عن الضغط يساهم كثيراً في حماية القلب من الأمراض