بقيت نتائج اللقاء الذي جمع رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس والمستشار القانوني في وزارة الخارجية السورية رياض الداوودي في برشلونة مشوبة بالسرية والغموض. وبينما اكتفت دمشق بالإعلان ان وزارة الخارجية السورية تجري تقويماً للاجتماع الذي تم يوم الجمعة الماضي، كشفت مصادر ديبلوماسية أوروبية لصحيفة «النهار» اللبنانية، بعض المعطيات التي رافقت اللقاء وأعقبته، وقالت ان القاضي ميليس ابدى مرونة حيال مكان الاستجوابات للضباط السوريين الستة، متنازلاً عن اصراره على مقر اللجنة في المونتفردي مكاناً لهذا الاستجواب، في مقابل تشدده حيال طريقة الاستجوابات والتحقيقات وشروطها. وأوضحت هذه المصادر ان ميليس سيتمسك بضرورة اجراء التحقيقات والاستجوابات وفق القواعد والسبل نفسها التي اتبعها وطبقها في لبنان، بما يمكنه من اتخاذ كل الاجراءات التي ترتب على التحقيقات مع الضباط الستة، سواء اقتضى الأمر تركهم في إقامة احتياطية لاستكمال الاستجوابات أو مقابلتهم مع شهود آخرين، أو بفرضية وصول الأمر إلى توقيفهم أو توقيف بعضهم. وكشفت انه تبعاً لهذا الموقف فإن ميليس يبحث مع دول عدة من أبرزها ألمانيا والنمسا وسويسرا امكان التوصل إلى اتفاق يتيح له التحقيق مع الضباط الستة واتخاذ كل الاجراءات التي قد ترتبها التحقيقات على غرار ما حصل في لبنان، وكذلك على غرار ما حصل مع فرنسا لجهة الطلب منها توقيف الشاهد السوري زهير محمد الصديق. وأشارت إلى ملامح قبول من ألمانيا والنمسا حتى الآن، علماً ان دولاً عربية سبق له ان استمزجها في ذلك رفضت طلبه. وأضافت المصادر الدبلوماسية الأوروبية ان العقدة لم تحل بعد، لأن سوريا متخوفة من امكان لجوء ميليس إلى توقيف الضباط الستة، فضلاً عن احتمال ان يكون لديه أمور لم يكشفها بعد حتى للقضاء اللبناني، خصوصاً بعد ما أظهر شريط كاسيت يحمل تسجيلاً لمكالمة هاتفية بين نائب وزير الخارجية السورية وليد المعلم والرئيس الحريري.ولفتت المصادر نفسها إلى ان ميليس يعتبر التحقيقات مع الضباط الستة بداية للمرحلة الثانية من مهمته وليس نهايتها، بعد ما سمح له التمديد لمهمته بابقاء أوراق خفية لديه ليس ملزماً بعد بكشفها حتى للقضاء اللبناني، ولذلك لا يبدي أي تساهل حيال شروط التحقيقات.وكانت مصادر سورية مطلعة قد كشفت ان ميليس لم يوافق على الاقتراح السوري استجواب المسؤولين السوريين في مقر لقوات الأممالمتحدة في هضبة الجولان قرب قرية نبع الفومار على الرغم ان الداوودي عرض الكثير من الأسباب والايجابيات التي تدفع دمشق إلى اختيار هذا المكان دون غيره. ونقلت صحيفة «السفير» اللبنانية عن مصادر مطلعة في هذا المجال قول ميليس للداوودي انه طالما ان دمشق توافق على اجراء التحقيق في مقر للأمم المتحدة، فلماذا لا يكون ذلك في مقر الأممالمتحدة في الناقورة جنوب لبنان.. وتحدثت تقارير ان ميليس اقترح مدينة كولون الألمانية لاستجواب الضباط الستة، بعدما وافق على استبعاد المونتفردي في لبنان. وقال مراقبون انه على الرغم من تجاوز عقدة المونتفردي، فإن ذلك لا يعني توصل الداوودي وميليس إلى نتائج إيجابية، إذ لا تزال مسألة المكان البديل وآليات التعاون في حاجة إلى لقاءات أخرى، ويرى هؤلاء أن تريث دمشق وتكتمها على ما جرى في برشلونة، وإلى قيام الخارجية السورية بدراسة طويلة للنتائج، تشير إلى تعقيدات ستؤخر التوصل إلى اتفاق بين الجانبين.ونقل موقع «سيريا نيوز» الالكتروني من مصادر مطلعة توقعها أن يستأنف الداوودي وميليس محادثاتهما اليوم في محاولة التوصل إلى اتفاق حول المواضيع المطروحة من الجانب السوري. ورجحت أن يتم اختيار جنيف مكاناً للاستماع إلى الشهود السوريين، لكنه يبقى عالقاً بين الطرفين موضوع مذكرة التفاهم التي يطالب بها الجانب السوري، وهي القضية التي يتوقع بحثها في الاجتماع الجديد. غير أن مصادر مطلعة في لندن، أبلغت صحيفة «الحياة» بأن هناك بحثاً بين دمشقوالأممالمتحدة، حول مكان إجراء الاستجوابات في إحدى المدن القبرصية باعتبارها أسهل للطرفين من الناحية اللوجستية.. وقالت ان الجانب السوري لم يرفض اقتراح مدينة كولون الألمانية، ولم يبد موقفه النهائي منها. من جهة ثانية، قالت صحيفة «السفير»، نقلاً عن مصادر متابعة ان لجنة التحقيق تفكر في العودة إلى الاستماع إلى الرئيس اللبناني اميل لحود، لتناقش معه تفصيلاً الملف الخاص بمسرح الجريمة، خصوصاً وأنها تطابق ما لديها من إفادات مصدرها خمسة أشخاص بينهم الوزير السابق ياسين جابر والمدير العام لوزارة الأشغال فادي النهار الذي تردد ان اللجنة أوصت بتوقيفه، لكن النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا لم يجد مبرراً للادعاء عليه، وذلك حول الجهة التي أعطت الإذن بفتح طريق السان جورج بعد ساعات من وقوع الجريمة. وقالت ان اجتماعاً عقد في أوروبا بين القاضي ميليس وفريق من اللجنة كان استمع إلى الرئيس لحود في الأسبوع قبل الماضي، خصص لمناقشة تفصيلية للإفادة التي أخذت من الرئيس لحود والتي تتناول قراءته للأحداث السياسية التي جرت في لبنان، وتوصيفه للعلاقة مع الرئيس الحريري قبل اغتياله، ومعلوماته عن عمل الحرس الجمهوري ومطالعته عن شخصية قائد الحرس العميد الموقوف مصطفى حمدان، كذلك حول اتهام لحود إسرائيل أو جهات إسلامية متطرفة بالوقوف وراء اغتيال الرئيس الحريري والقيام بأعمال تخريب أخرى في لبنان.