يقول "روبرت ستير نبيرغ" الأستاذ بجامعة كورنيل: "الذكاء ليس مجرد درجة في اختبارات الذكاء.. لكنه يكمن في القدرة على أن تحدد ما الذي تريده في الحياة.. وأن تجد الطرق الكفيلة بتحقيق ذلك.. حتى لو كان ذلك يتطلب المعرفة المؤلمة لجوانب الحمق والغباء في شخصيتك"..! وهو في هذه المقولة يصادق على ماقاله الصحفي "ديفيد روبسون" من أنّ أكثر الناس ذكاءً يمكنهم أن يكونوا حمقى وهو يشرح كيفية تجنب الوقوع في أسوأ طرق التفكير وأكثرها شيوعاً.. وكيف أن الذكاء لا يعني كم أنت عاقل ومنطقي.. ومن السهل أن ترتكب الأخطاء الفادحة.. ويحدد خمس خطوات تجنبك الغباء اللحظوي.. أو الارتباط بغياب التركيز من خلال طريقة جديدة للتفكير.. يقول روبرت ستيرنبيرغ "إنّ المشكلة تبدأ من النظام التعليمي الذي ليس مصمماً ليعلمنا أن نفكر بطريقة مفيدة طوال العمر وأنّ الامتحانات التي نستخدمها في بريطانيا مثل SATs تقوم على تخمينات متواضعة لأي شيء إلى جانب الدرجات المدرسية.. فترى طلاباً يحصلون على درجات ممتازة، لكنهم فاشلون في فنون القيادة.. وترى فنينين رائعين ولكن بدون قدرة على التمييز أو التزام أخلاقيات العمل.. وهنا ما الذي يمكن عمله إزاء ذلك؟ الحل هو نوع جديد من التعليم من شأنه أن يعلّم الناس كيف يفكرون بطريقة فعالة أكثر إلى جانب الأعباء.. ومن الممكن لأفكارهم أن تساعدنا جميعاً مهما كان مستوى ذكائنا على أن نتجنب ولو قليلاً التصرفات الحمقاء.. من خلال الخطوات الخمس وهي: أولاً.. تعرف على التحيز الأعمى لديك.. هل تقول إنك أكثر ذكاء من عموم الناس؟ هذا الأمر يعرف ب"التفوق الوهمي" وهو شعور منتشر بين الناس وخصوصاً الأشخاص من ذوي القدرات الأقل.. أو ربما تجادل وتزعم أنك ذكي استناداً إلى التقارير التي توثق اجتيازك للاختبارات أو أداءك المثير للإعجاب في مسابقات قياس مستوى الذكاء.. إذا كنت كذلك فأنت مصاب بما يطلق عليه "التحيز التوكيدي" والذي يعني الميل إلى انتقاء الدلائل التي تؤيد وجهة نظرك.. وعلماء النفس يرون أنك مصاب "بتحيز النقاط العمياء" وهو إنكار العيوب في تفكيرك الشخصي ولديك مناطق عمياء في دماغك لا ترى إلا ما تريده أنت..! ثانياً: كن متواضعاً.. التواضع الفكري يأتي في أشكال متعددة لكن في قلبها تقع القدرة على أن تعرف حدود معرفتك على أي أساس تبني قراراتك.. إلى أي مدى يمكن تمحيص هذه الأسس والتأكد من صحتها؟ وماهي المعلومات الإضافية التي تحتاجها لتتخذ قرارات أكثر توازناً وصواباً؟ ثالثاً: ناقش نفسك وكن صريحاً.. إذا كان النقد الذاتي لا يناسبك.. فهناك وسيلة للتقليل من تلك التحيزات.. وهي أن تختار أن تتبنى وجهة النظر المناقضة لك.. وأن تبدأ بطرح نقاش مضاد لقناعاتك.. وهذا الجدال الداخلي يمكنه تفكيك أعتى عوامل التحيز لديك.. مثل الثقة الزائدة بالنفس.. والتمسك بالرأي.. وهو الميل إلى الاقتناع بأول دليل تصادفه في طريقك.. والأمر المشابه لذلك.. هو أن تضع نفسك في مكان الشخص الآخر وتتخيل وجهات نظره..!! رابعاً: تخيل باستخدام طريقة "ماذا لو".. أحد أهم المآخذ على النظام التعليمي في بريطانيا كما يراها ستير أننا لم نتعلم كيف نستخدم ذكاءنا ونكون عمليين ومبدعين.. حتى لو أننا لم نعد نتعلم في المدارس بطريقة البصم.. وانّ كثيراً من المدرسين مازالوا لا يعلمون التلاميذ كيف يكونون مرنين في حياتهم العادية.. وأيضاً إكسابهم نوعاً من التفكير الافتراضي.. غير الواعي المنافي للواقع عندما يلعبون لعبة التظاهر التي تساعدهم على تعلم كل شيء.. وعندما يكبر الأطفال قد لا يمارسون لعبة الافتراض التي ترغمهم على الأخذ بعين الاعتبار الفرق بين الاحتمالات والفرضيات.. ولكنها تظل وسيلة لتوسيع المدارك عند مواجهة أمور غير متوقعة..! خامساً: لا تقلل من أهمية استخدام قائمة المهام.. فمهما كانت وظيفتك أو مهنتك هناك حقائق تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار قبل أن تفترض أنك تعرف كل شيء مسبقاً.. ولو تدربت عليها ستكتشف أن لديك مواهب لم تكتشفها بعد..! وإن كنت تبحث عن الإلهام فما عليك إلا أن تتذكر "ستير نبيرغ" فعندما كان طفلاً صغيراً في المدرسة الابتدائية رسب في اختبارات الذكاء.. ولم يتمكن من إثارة إعجاب أحد من الناحية الأكاديمية.. وهو يقول: جميع المعلمين في المدرسة اعتقدوا أنني "غبي" وكنت على وشك أن أطرد من المدرسة لولا أحد المدربين الذي اكتشف أن هناك جوانب أخرى من الذكاء غير تلك المطلوبة لحل مسائل الرياضيات.. وهذا المدرب شجعني على تعويد عقلي على التعامل مع الأمور بنظرة أشمل وأوسع.. وإليه يرجع الفضل في أنني أصبحت أستاذاً في جامعة كورنيل..! السؤال هو: كم من المدرسين استطاعوا أن ينقذوا طلاباً من كارثة الوصم بالغباء؟ وأن يكتشفوا قدراتهم الحقيقية ويساعدوهم على إدراك مفهوم الحياة وشمولية التعامل مع الآخرين؟