تحدى المقدسيون إجراءات الاحتلال المشددة وأدوا صلاة الجمعة في الشوارع بعد منعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى، فيما عمت مدينة القدس والعديد من مناطق الضفة الغربية تظاهرات منددة بالانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والمرابطين فيه. فمنذ ساعات الصباح حولت سلطات الاحتلال مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، بعد نشرها المئات من عناصرها المختلفة في شوارع المدينة والطرقات المؤدية إلى المسجد الأقصى، متذرعة بما بوجود ما تسميها "معلومات استخباراتية" حول نية جهات فلسطينية إشعال الأوضاع في المدينة عقب صلاة الجمعة. مسيرات شعبية ضخمة في الأردن احتجاجاً على الانتهاكات الإسرائيلية كما فرضت قيودا مشددة على الصلاة في المسجد الأقصى ولم تسمح للرجال دون سن الأربعين من الدخول حيث أغلقت كافة أبوابه باستثناء أبواب الأسباط وحطة والمجلس والسلسلة. ولم تكتف بقيودها وحواجزها بل بادرت إلى الاعتداء على المواطنين مستخدمة وسائل القمع في محاولة لمنعهم من الوصول إلى الأقصى ما اضطرهم إلى أداء صلاة الجمعة في الشوارع والساحات العامة. وعقب الصلاة تظاهر المئات منددين بالممارسات الإسرائيلية والاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى وسرعان ما اندلعت صدامات ومواجهات في العديد من المناطق رشق خلالها الشبان بالحجارة عناصر الاحتلال الذين أطلقوا الرصاص وقنابل الصوت والغاز واعتدوا على المتظاهرين بالهراوات ولاحقوهم في الشوارع وأصابوا واعتقلوا العديد منهم. وكان العشرات من الشبان أدوا صلاة الفجر على أبواب المسجد الأقصى والقدس القديمة، بعد منعهم من الوصول والدخول إلى المسجد، فيما اعتدت على مجموعة من المصلين عند باب الأسباط. واعتقلت سلطات الاحتلال المسن زياد أبو هليل عضو لجنة عشائر فلسطين من ساحات الأقصى بعد حمله العلم الفلسطيني، وتم اقتياده إلى مقر شرطة الاحتلال في باب السلسلة، كما اعتقلت الفتية مهند محمود دبش، وليث عماد دبش، وصلاح الدين ناجح بكيرات. متظاهر فلسطيني يعيد لجنود الاحتلال قنبلة غاز مسيل للدموع أطلقوها على المتظاهرين (رويترز) وترددت أصداء الغضب التي عمت مدينة القدس إلى العديد من مناطق الضفة الغربية، حيث خرجت تظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، في مراكز المدن وعند الحواجز ومناطق التماس، حيث وقعت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال التي أطلقت الرصاص وقنابل الصوت والغاز واستخدمت المياه في قمع هذه التظاهرات. ووقعت اعنف المواجهات في محيط مخيم الجلزون وقريتي النبي صالح وبلعين قرب رام الله، ومحيط حاجز قلنديا شمال القدسالمحتلة وقرب مسجد بلال بن رباح (قبة راحيل) ومخيم عايدة شمال بيت لحم، وقرية المعصرة المجاورة، وجنوب مدينة الخليل، وبلدة بيت أمر القريبة وقرية كفر قدوم شرق قلقيلية وقرية حوارة جنوب نابلس وغيرها. وكانت قوات الاحتلال استعدت لموجة الغضب بنشر تعزيزات كبيرة في المناطق التي تشهد تظاهرات أسبوعية منددة بالجدار والاستيطان وفي محيط الحواجز واستخدمت طائرات استطلاع في سماء الضفة الغربية، لرصد التظاهرات، فيما استخدم جنود الاحتلال مختلف أنواع الذخيرة في قمع المتظاهرين، موقعة عشرات الإصابات بالرصاص الحي والمعدني إضافة إلى حالات الاختناق بالغاز السام . من جهة أخرى، أصيب فجر أمس الجمعة، احمد عزت خطاطبة بجروح خطيرة بعد أن أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي النار عليه، قرب حاجز بيت فوريك شرق نابلس، وأصيب خطاطبة برصاصتين احدها بالكتف وأخرى بالحوض وقد نقل إلى مستشفى رفيديا الحكومي. وشهد موقع اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مواجهات عنيفة استمرت ثلاثة ايام بين شرطيين اسرائيليين ومحتجين فلسطينيين وذلك اثر دخول يهود باحة المسجد لاحياء بداية السنة العبرية، ويتزامن عيد الاضحى هذه السنة الاربعاء مع يوم الغفران، العيد اليهودي. ويبدأ اليهود الاسبوع المقبل عيد المظلات (سوكوت) الذي يستمر سبعة ايام ويعد من العطل التي تدفع عددا اكبر من اليهود الى التوجه للحرم القدسي. ويستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الاسرائيلية بدخول السياح الاجانب لزيارة الاقصى عبر باب المغاربة الذي تسيطر عليه، للدخول الى باحة الاقصى لممارسة شعائر دينية والاعلان انهم ينوون بناء الهيكل مكانه. ويخشى الفلسطينيون محاولة اسرائيل تغيير الوضع القائم في المسجد منذ حرب 1967 والذي يسمح بمقتضاه للمسلمين بدخول المسجد الاقصى في اي وقت في حين لا يسمح لليهود بذلك الا في اوقات محددة وبدون الصلاة فيه. واكد رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو أمس للامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان بلاده مصممة على فرض الالتزام "الصارم" بالوضع القائم في المسجد الاقصى. "مجلس الأمن يعبر عن قلقه" وتزامنا، دعا مجلس الامن الدولي الى الهدوء والحفاظ على الوضع القائم في الاقصى، وأعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن القلق البالغ إزاء تصاعد التوترات في القدسالمحتلة، وخاصة المنطقة المحيطة بالاقصى المبارك، بما في ذلك الاشتباكات العنيفة في الموقع وحوله. ودعا الأعضاء، في بيان صحفي، إلى ضبط النفس والامتناع عن الأعمال والخطابات الاستفزازية والإبقاء على الوضع الراهن التاريخي للاقصى المبارك بالفعل والقول. وطالب الأعضاء بالاحترام الكامل للقانون الدولي، حاثين الأطراف كافة على التعاون لتخفيف حدة التوترات والنهي عن العنف في الأماكن المقدسة في القدسالمحتلة. وشدد أعضاء مجلس الأمن على ضرورة السماح للمصلين المسلمين في الاقصى المبارك بالتعبد في سلام، وأمان من العنف والتهديدات والاستفزازات، وطالبوا بالوقف الفوري للعنف واتخاذ جميع الخطوات الملائمة لضمان توقفه وتجنب الأعمال الاستفزازية وعودة الوضع إلى طبيعته بشكل يعزز آفاق السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين. "مسيرات غضب في الأردن" من ناحية أخرى، شهدت عدة مدن أردنية أمس مسيرات شعبية احتجاجاً على انتهاكات القوة القائمة بالاحتلال للأقصى المبارك واقتحاماتها واعتداءاتها المتكررة على المصلين على مدار الأيام الماضية. وردد المشاركون في المسيرات هتافات ورفعوا يافطات والقيت كلمات تطالب بالتصدي لكل المحاولات والإجراءات الإسرائيلية ضد الأماكن المقدسة في القدسالمحتلة وحماية المقدسات وصونها من الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وحيا المشاركون بالمسيرات المصلين في المسجد الأقصى الذين يتصدون لجنود الاحتلال الاسرائيلي لعدم السماح لهم بتدنيس اولى القبلتين. وطالب المشاركون في هذه المسيرات بموقف عربي واسلامي موحد لحماية المقدسات ومنع الاعتداءات الاسرائيلية على المدينة المقدسة، مناشدين الدول العربية والاسلامية الوقوف الى جانب الاردن في الدفاع عن المسجد الاقصى المبارك في جميع المحافل الدولية.