الصحة لا تعني كما يظن الكثيرون خلو البدن من الأسقام والأمراض بل إنها أوسع من ذلك وإذا أخذنا تعريف منظمة الصحة العالمية بالاعتبار فهو يعرف الصحة (أنّها حالة من الانسجام والاستقرار البدني والنفسي والاجتماعي، تمكن الشخص من ممارسة نشاطاته اليومية على الوجه الطبيعي)، ومن المعلوم شيوع الأمراض طيلة أيام العام ولكنها تزداد بشكل ملحوظ خلال فصل الشتاء وبداية فصل الربيع خاصةً الأماكن ذات الكثافة البشرية العالية، كما هو الوضع في منطقة المشاعر المقدسة ومكة المكرمة أثناء موسم الحج، فتزداد نسبة الإصابة بالأمراض التي تنتقل من الإنسان المصاب إلى الإنسان السليم في ظل توفر الظروف المناخية والبيئية المناسبة لانتقالها، علماً بأنَّهُ يصعب تفادي حدوث ذلك في مثل موسم الحج نظراً لوجود الازدحام الشديد، والإجهاد البدني والحركي وقلة النوم، وسوء التغذية، ونذكر من تلك الأمراض الوبائية: امراض الجهاز التنفسي والتي تُعد أكثر الأمراض انتشارا خلال موسم الحج كالزكام والإنفلونزا ومرض كورونا والتهاب الشعب الهوائية إذ أنَّه من الممكن انتقال العدوى للجهاز التنفسي عن طريق الرذاذ المتطاير أثناء السعال والعطس وعليه ننصح الحجاج باتخاذ عدد من الإجراءات الوقائية، ارتداء الكمامات وخاصة في الأماكن المزدحمة ولكن يجب ارتداؤها بالطريقة الصحيحة مع تغييرها بصفة مستمرة، وضرورة تغطية الأنف والفم بمناديل ورق عند السعال، غسل اليدين بالماء والصابون أو المطهر خاصة بعد السعال والعطس مع عدم ملامسة العين والأنف والفم باليدين إلا بعد غسلهما جيداً، الاكتفاء بالمصافحة عند السلام على الآخرين والإكثار من السوائل التي تحتوي على الفيتامينات، الراحة التامة واستخدام العلاجات حسب وصفة الطبيب. ومن أهم الأمراض التي يمكن أن تصيب الحاج أمراض الجهاز الهضمي كالإسهال والإمساك والغثيان والقيء وللوقاية من تلك الأمراض يُنصح بالابتعاد عن الوجبات التي تحتوي على الكثير من الدهون والتأكد من نظافة الطعام مع طهوه جيداً والتأكد من صلاحية المعلبات، وحفظ الأغذية سريعة التلف مثل منتجات الألبان في الثلاجة، كما ينصح بالابتعاد عن شراء الأطعمة من الباعة المتجولين، عند الإصابة بالإسهال يُنصح بالإكثار من شرب السوائل ومراجعة أقرب مركز صحي إذا استمر الإسهال دون توقّف، وفي حالة الإصابة بالغثيان والقيء يُنصح بالتوقف مؤقتاً عن تناول المأكولات والمشروبات حتى يتوقف القيء ثم العودة لتناول الطعام تدريجياً. ومن ضمن أهم الأمراض أيضاً التهاب الكبد الفيروسي والذي يُعد مشكلة صحية عالمية رئيسية، وأثناء موسم الحج قد ينتقل عند حلاقة الشعر أو التقصير عبر أدوات الحلاقة ولذلك يجب إتباع عدة إجراءات وقائية نذكر منها، الحرص على الحلاقة في الأماكن المرخصة، تجنّب حلاقي الطرقات والأرصفة، التأكد من استعمال شفرة الحلاقة ذات الاستخدام الواحد، أو استخدام أدوات الحلاقة الشخصية. وهناك أيضا ضربة الشمس التي تُعتبر من أهم المشاكل الصحية التي تصيب الحاج أثناء تأدية شعيرة الحج، وتحدث ضربة الشمس عندما يقضي الإنسان وقتاً طويلاً في مكان شديد الحرارة أو مشمس، فقد تنهار مدافعات الجسم الطبيعية بسبب ما تُحدثُه حرارة الشمس من أعراض والتي تتفاوت شدتها، من ارتفاع في درجة حرارة الجسم إلى ما فوق 40 درجة مئوية، وتترافق مع صداع وشعور بالدوار والغثيان والإرهاق الشديد، غياب التعرق، التشوش الذهني وفقدان الوعي، وللوقاية من ضربة الشمس يُنصح بعدم التعرض لأشعة الشمس لفترة طويلة خاصة لمن لم يعتادوا عليها، البُعد قدر الإمكان عن الجهد البدني الزائد، تناول كميات كافية من السوائل خاصة المياه أو المشروبات التي تحتوي على الصوديوم، استخدام ملابس خفيفة قطنية وفضفاضة، استخدام المظلات فاتحة اللون، تجنّب أوقات الزحام أثناء تأدية مناسك الحج خاصة للمرضى والمسنين، أخذ قسط كاف من الراحة، استخدام أجهزة التكييف والتبريد في السكن ووسائل النقل، سرعة العلاج لمن يشعر بارتفاع درجة الحرارة وبداية أعراض ضربة الشمس. هناك بعض الاستعدادات الصحية التي يجب اعتمادها قبل موسم الحج والتي تشمل مجموعة من النصائح الصحية أثناء الاستعداد للحج منها: مراجعة الطبيب قبل السفر للحصول على المستجدات في الإجراءات الوقائية والتطعيمات المطلوبة، والتأكد من استقرار الحالة الصحية والقدرة على الحج لمن لديه مرض مزمن، حمل بطاقة خاصة تبين تشخيص المرض لكل مريض مصاب بمرض مزمن لتسهيل عملية إسعافه في حالة إصابته لا قدَّر الله أو في حالة وجود مضاعفات للمرض، ويفضل أن يرتدي الشخص الذي يعاني من مرض مزمن سوارة حول المعصم توضح أهم المعلومات التي يجب معرفتها عن حالته عند اسعافه، وأخذ كمية كافية من الأدوية التي يستخدمها المريض، الحصول على التطعيمات بفترة كافية قبل الحج والتي منها: التطعيم ضد الحمَّى الشوكية (التهاب السحايا)، التطعيم ضد الإنفلونزا، التطعيم ضد الحمَّى الصفراء، حمل حقيبة طبية تحتوي على مجموعة من الأدوية وتشمل خافض الحرارة ومسكن الألم، مضاد السعال وطارد البلغم، كريمات وفازلين وبودرة، مراهم لإصابات العضلات، كريمات للجروح، الأملاح التعويضية بالفم مثل أملاح الصوديوم والبوتاسيوم. * قسم التمريض – عيادة الجراحة