خطوة ومبادرة جميلة ورائعة ومسددة من إمارة منطقة مكة حين وجه أميرها خالد الفيصل وجهاء القبائل وأرباب الأسر بتخفيض المهور وتحديدها بما لا يشق على الشاب الراغب في الزواج الذي سينسحب بالتأكيد على ما بعد المهر من خفض للنفقات. والمهر حق للزوجة لا بد منه "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" لكن الشرع ترك تحديده للعرف الذي يمكّن الزوج من تحصيل وتحديد ما يتناسب وحياته. وللأسف أرقام العازفين عن الزواج من الجنسين مقلق خاصة أن سببها الرئيس عادات اجتماعية تحت ضغوط مطامع مادية وحجر وعضل وأخرى غير مبررة. وتذكيراً لكل أب وأم وكل فتاة وشاب ألا تنظروا إلى مثالية الحياة ولا تعقدوا الشروط وألا تحلم الفتاة بحياة المسلسلات والأفلام الرومانسية المزورة للتسويق الإعلامي بأنها ورود وسلام وعبق وحب دائماً بل الحياة الواقعية الحقيقية هي المقياس التي تمتزج كما الفصول الأربعة. وليدرك كل من يؤخر زواجه أن آثار العنوسة أليمة مورثة لسلبيات كثيرة على النفس وتمتد على المجتمع وعلى سلبية العلاقات بين الجنسين وعلى مستقبل الحياة الاجتماعية في مجتمعنا ومن أهمها حرمان المودة والرحمة في التنزيل: "وجعل بينكم مودة ورحمة" جاء في تفسيرها: المودة في مرحلة الشباب حين تكون المشاعر فياضة وثائرة والرحمة في مرحلة الكِبر حين يرحم أحدهما مرض وعجز الآخر. أما العنوسة فتصيب بالإحباط والحرمان لأن الإنسان اجتماعي بطبعة يميل إلى التواصل والاستئناس بالآخرين. وحيث إن طبيعة المرأة العاطفية الغيرة والمحاكاة وملاحقة المجتمع في عاداته فإن قهر ونيران الغيرة تحرقها من حيث لا يشعر الآخرون عندما تشاهد وتقارن نفسها مع قريناتها فيؤدي بها إلى العزلة والانطوائية والعدوانية الصامتة أحياناً, حين تكون الأنظار للفتاة العانس كالسياط والسؤال عن "ليه ما تتزوجين" كالصواعق على مشاعرها حتى الدعاء لها بالزوج الصالح يصيبها كالرصاص في أذنيها ليس لخطأ الدعاء وإنما لتداعيات وصدمات نفسية لسماع مثل ذلك. إضافة إلى حرمان إشباع الحاجات الفطرية المتنوعة مثل مشاعر الحب المشروع لزوجها وغير ذلك فإن كبتها مؤثر على صحة المرأة النفسية وتنعكس على صحتها الجسمية. وما يقال في المرأة يقال في الرجل فإن ركون وكسل بعضهم في تحمل تعب ومشقة جلب الرزق مدعاة لعنوستهم أيضا وإن الفطرة التي فطر الله تعالى الذكر والأنثى عليها هي أن الذكر يحتاج للأنثى والعكس "هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن" ولا أبلغ من وصف اللباس الملاصق للجسم على مدار الوقت. أتمنى من كل شاب أن يقرر بعد أن يقرأ حروفي البدء مباشرة بأول خطوة في مشروع الزواج وأن يكون جريئا في إبداء رغبته لوالديه ليساعدوه ويبادر بالتفكير أولاً ثم الشروع في الخطبة ثم الاستمرار فيما بعدها من خطوات حتى الزواج. وكذا الفتاة أن ترفع الحياء وتصرح برأيها في الزواج وألاّ ترفض الشاب المتقدم لها حتى لو نقصت المواصفات التكميلية التي تتمناها وأن تجعل الحياة ذات الألوان المتعددة هي الواقع الحقيقي لحياة أي زوجين وألاّ تسيطر على عقلها وتفكيرها الحياة ذات اللون الوردي الذي لا يخالطه سواد ولا عتمة ولا ضبابية. ومن بدأ أول خطوة مستعينا بالله ومتوكلاً عليه كفاه ما أهمّه وأتم عليه ما أراده. وبهذا التوجه -بإذن الله- تموت العنوسة لتحيا العانس.