تعقد أوبك اجتماعها رقم 166 في فيينا غدا الخميس لمناقشة أهم التطورات على الصعيد العالمي بالنسبة لأحوال النفط من ناحية الأسعار والعرض والطلب. هذا الاجتماع يأتي في ظروف صعبة تمر بها أسواق النفط التي تشهد انخفاضات متتالية نتيجة لوفرة العرض وانخفاض الطلب من قبل الدول الصناعية. وبلا شك سيؤثر نزول أسعار النفط إلى أقل من 80 دولارا كثيراً على اقتصاديات دول الأوبك التي ستفقد أكثر من 200 بليون دولار سنوياً. ولذلك فان الاجتماع القادم سيناقش أسباب تدهور الأسعار وامكانية دعمها. وقد استبعدت بعض دول أوبك خفض إنتاج المنظمة البالغ حوالي 30.5 مليون برميل باليوم، على الرغم من الانخفاضات المتتالية في أسعار الخام العالمية. والحقيقة أن التنافس بين دول أوبك والدول المنتجة خارج الأوبك على اشده للحصول على أكبر حصة من الأسواق الآسيوية، ولذلك فان خفض الإنتاج يعني فقدان بعض الأسواق، وهذا سوف يضر بالدول الأعضاء وبمصالحها على المدى البعيد. العالم حالياً ينتج حوالي 92 مليون برميل يوميا، منها حوالي 56 مليون برميل باليوم من دول خارج أوبك، أما أوبك فقد أنتجت في شهر أكتوبر الماضي حوالي 30.25 مليون برميل باليوم، أي أقل بحوالي 200 ألف برميل عن مستويات إنتاج شهر سبتمبر الماضي، بالاضافة إلى حوالي 5.8 مليون برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي. وتنتج روسيا حالياً أكثر من 10.5 مليون برميل باليوم وتصدر منها حوالي 7 ملايين برميل باليوم وأما السعودية فتنتج حوالي 9.5 مليون برميل وتصدر منها حوالي 6.5 مليون برميل باليوم. هذه الطاقة المنتجة تجعل روسيا والمملكة أكبر بلدين مصدرين للنفط بالعالم. وتبلغ كميات النفط التي تصدرها المملكة وروسيا (حوالي 13.5 مليون برميل باليوم). وتبلغ كميات النفط المباعة بالعالم حوالي 55 مليون برميل باليوم، وبذلك فان المملكة وروسيا تصدران حوالي ربع النفط المباع بالعالم. ولذلك فان المملكة وروسيا أهم دولتين تأثيراً في أسعار النفط وتجارة النفط العالمية. بوادر إمكانية إحداث تنسيق بين أوبك وروسيا لضبط العرض في أسواق النفط العالمية ظهرت بعد أن قال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، إن السعودية وهي أكبر منتج للنفط في العالم وداخل منظمة أوبك، وروسيا أكبر منتج من خارج «أوبك»، متفقتان على دور السوق في تحديد سعر النفط، وإن الدول المنتجة للنفط إذا وجدت أن أسعار الخام تحركها عوامل مصطنعة فستكون قادرة على أخذ الإجراء المناسب. وأكد وزير الخارجية الروسي من موسكو وعلى هامش لقاء مع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أن بلاده والسعودية معنيتان باستقرار الوضع في الشرق الأوسط، مشيرا إلى عزم البلدين البحث عن طرق لتحقيق ذلك. ومن جهة اخرى أشار الدكتور علي العمير وزير النفط ووزير شؤون مجلس الأمة الكويتي إلى أن الكويت تؤيد أي تنسيق بين دول «أوبك» وروسيا سواء من خلال السعودية أكبر منتج داخل المنظمة أو بشكل جماعي، مشيرا إلى أن ذلك سيسهم في ضمان استقرار إمدادات الطاقة من جهة والأسعار من جهة أخرى. وأكد العمير أن على روسيا تقديم عرض واضح لدول المنظمة لأي إجراء تتخذه بشأن الإنتاج، ويجب أن يدرس من قبل المنظمة بعناية خصوصا مع الشقيقة السعودية كأكبر منتج داخل وأوبك. وستتخذ أوبك في اجتماعها القادم القرارات المناسبة لدول المنظمة، ويستبعد أن تقوم دول المنظمة بخفض إنتاجها الحالي للتأثير في الأسعار ويؤكد ذلك عدم الدعوة لعقد اجتماع طارئ للمنظمة. ولكن بدون ادنى شك فان حدوث تنسيق روسي مع دول أوبك لضبط المعروض من النفط في الأسواق أمر وارد لحماية اقتصاديات المنتجين. المرجح وجود تفاهمات روسية مع أوبك حول تحقيق الاستقرار في سوق إنتاج وتصدير النفط، بهدف وقف التدهور المستمر لأسعار النفط، بعد أن بلغت مرحلة تهدد فيها اقتصاديات المنتجين، خصوصا أن هناك اتهامات من دول لأوبك بأن زيادة الإنتاج الروسي والزيت الصخري الامريكي أسهما في تدهور الأسعار. ولقد أشارت بعض المصادر إلى تواجد وزير الطاقة الروسي والرئيس التنفيذي لشركة روزنفت أكبر منتج للنفط الروسي في فيينا قبل يومين من أهم اجتماع تعقده منظمة «أوبك»، للمشاركة في مؤتمر عن سوق النفط والطاقة، عقد في العاصمة النمساوية أمس الثلاثاء، وأنهم سيراقبون بشدة ما سيسفر عن الاجتماع من قرارات، فيما رجحت مصادر أخرى لوكالات أنباء أن يحضر الوزير الروسي اجتماع «أوبك» كمراقب. يبدو أن خفض الإنتاج العالمي للنفط مستبعد بسبب توقع تنامي الطلب في الفترة المقبلة خاصة من الجانب الآسيوى وبسبب فصل الشتاء في أوروبا وبسبب اضطراب الإنتاج في ليبيا. ويؤكد كثير من المحللين أن أسعار النفط لن تنخفض بشكل كبير ويتوقع عودتها للتعافي خلال الفترة المقبلة. وتؤكد الدراسات تنامي الطلب على النفط من الصين والهند وباكستان. ولاشك أن فكرة انهيار سعر النفط هي مجرد خيال ولا وجود لها في الواقع العملي. مما سبق يستخلص أن أى تنسيق بين دول أوبك وروسيا هو في مصلحة أسواق النفط ودعم الأسعار. ونتمنى أن تقوم روسيا بدراسة حالة الأسواق وقدرة استيعابها قبل زيادة انتاجها الذي ارتفع بأكثر من 4 ملايين برميل باليوم منذ عام 2000م.