في خطوة دراماتيكية احدثت ما يشبه الزلزال داخل المجتمع الاسرائيلي اعلن صباح امس عن فوز عمير بيرتس رئيس اتحاد نقابات العمال وعضو الكنيست زعيما جديدا لحزب العمل الاسرائيلي متغلبا بذلك على منافسه الاقوى شمعون بيريز الرئيس غير المنتخب للحزب ونائب رئيس الحكومة. وتغلب بيرتس بنسبة 42,35 ٪ على منافسه بيريز الذي حصل على 39,96٪ من عدد الاصوات في حزب العمل والبالغة نحو مائة الف صوت، فيما حصل منافسهما الاضعف بنيامين بن اليعزر على نسبة 16,82٪. وقد جاءت النتيجة مخالفة للتوقعات واستطلاعات الرأي، وكذلك لنتائج الفرز الاولي التي اظهرت تفوق بيريز بنسبة بسيطة على بيرتس. ولكن وبعد السادسة صباحا، اعلن السكرتير العام لحزب العمل ايتان كابل، النتائج النهائية التي اظهرت تفوق رئيس اتحاد نقابات العمال الأمر الذي سيفتح الطريق امام المنافسة على منصب رئيس الحكومة واذا ما نجح فانه سيكون اول رئيس لوزراء اسرائيل من اصل شرقي. عمير بيرتس وفور ظهور النتائج، اعلن عن نيته سحب حزب العمل من الائتلاف الحاكم في اسرائيل ، الامر الذي سيفتح الباب واسعا امام انتخابات مبكرة في اسرائيل. وقال يولي تامير عضو الكنيست واحد انصار بيرتس ان الاخير زعيم العمل الجديد سوف يبحث مع شارون موعدا محددا للانتخابات. ويسعى عمير بيرتس الى اعادة حزب العمل الى جذوره الاجتماعية والانسحاب من حكومة شارون والدفع باتجاه انتخابات مبكرة وصولا الى تقليص الفجوة بين الاغنياء والفقراء التي ازدادت بشكل خاص منذ صعود شارون الى سدة الحكم. وانتقد بيرتس بشكل متواصل شراكة حزب العمل في حكومة شارون من الناحيتين الاجتماعية - الاقتصادية والسياسية ايضا. وقال بيرتس في خطابه ان «مواطني اسرائيل يتوقعون منا ان نقوم بمعالجة جراح المجتمع الاسرائيلي الذي يعاني من امراض خطيرة للغاية تسبب بها الليكود خلال سنوات حكمه». وفيما سارع بن اليعزر الى تهنئة بيرتس بالفوز لم يهاتف شمعون بيريز خصمه لتهنئته بل عقد مؤتمرا صحافيا فجر امس طالب فيه باجراء فحص لادعاءات تتعلق بعمليات تزوير من جانب انصار بيرتس خلال الانتخابات. وقد رفض سكرتير حزب العمل ايتان كابل ادعاءات بيريز مؤكدا ان انصار بيريز في لجنة الانتخابات وقعوا على النتائج النهائية وصحتها. من جانبه، اعتبر عصام مخول عضو الكنيست الاسرائيلي فوز عمير بيرتس انتصارا مهما ويبعث الروح في الشرايين المتكلسة لحزب العمل. كما يؤكد ان المجتمع الاسرائيلي متعطش لخطاب بديل عن الخطاب الشاروني والليبرالية الجديدة التي سيطرت في السنوات الماضية. وقال في حديث ل«الرياض«: اهمية الحدث ليس فقط من حقيقة انتصار بيرتس على بيريز الزعيم غير المنتخب للحزب بل لأن عمير بيرتس جاء بخطاب جديد اجتماعي وسياسي، بينما لم يطرح حزب العمل خلال السنوات الاربع الماضية نفسه كبديل لليكود بل لليمين المتطرف في حكومة شارون فقط. وحول النتائج المترتبة على انتخاب بيرتس -ذي الاصول الشرقية- زعيما لحزب العمل في سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ (اسرائيل)، قال مخول : الانتخابات المبكرة اصبحت الان هي الاحتمال الطاغي، رغم ان عمير بيرتس سياخذ بالاعتبار توازنات القوى في حزبه، لكنه في المحصلة سيقوده للخروج من الحكومة متمسكا بطرح بديل للسياسة القائمة التي لا توصل الى أي مكان. واضاف: المطلوب الان الذهاب الى انتخابات مبكرة واستقطاب قوى جديدة على وفق برنامج يقوم على احلال السلام العادل والمساواة والعدالة الاجتماعية. البرنامج السياسي والاجتماعي للحكومة الراهنة يقوم فقط على الانفصال عن غزة والعملية انتهت ولم يعد لها دور سوى الركض في مكانها. واضاف: هناك نخب سياسية بيضاء يمثلها بشكل فظ تومي لبيد زعيم شينوي والتي بنت سياستها على مبدأ صراع الحضارات وبنى طائفية قائمة على الدين والعرق والقومية هروبا من البعد الطبقي في الدولة. بيرتس بانتخابه زعيما للعمل اعاد الاعتبار للقراءة الطبقية لما يجري على الارض واستطاع ان يجرد الليبراليين من الادوات التي استعملوها في الدفاع عن مصالحهم. بيرتس مصلحة وجودية لحزب العمل من سيقوده الى طرح برنامج بديل سياسي واجتماعي ليكون امام الجمهور حرية الاختيار بين برنامجين وليس بين اشخاص اوثعالب. وحول سيناريوهات التحالفات بين الاحزاب العربية وبين حزب العمل بقيادة بيرتس في المستقبل كما حدث مع رابين وباراك لاحقا، قال مخول: السيناريو ممكن. لكن من السابق لاوانه الحديث كيف سينهج بيرتس. عندما نقف امام خيارات حقيقية سنقترح اصطفافا جديدا للقوى على الساحة تاخذ بالحسبان الجماهير العربية والقوى اليسارية في اسرائيل لخلق اجندة جديدة على الساحة السياسية، يحددها البعد الاجتماعي وليس الصراع القومي فقط. من هو عمير بيرتس؟ -ولد عمير بيرتس في مدينة بوجار في المغرب سنة 1952 ولما بلغ عمره 4 سنوات قدمت عائلته الى فلسطين، واقامت في النقب الغربي لعدة سنوات انتقلت بعدها الى مستعمرة (سديروت ). - مر في طفولته بفترة من الفاقة مثل كثير من سكان مدن التطوير ولكنها لم تكن حالة عوز. تحول عمير الى رجل سياسي وكان واعيا للإجحاف الذي حل بالمجتمع من حوله. - تطوع عمير في الجيش ودخل دورة ضباط وخدم كضابط تسليح في كتيبة المظليين وبتاريخ 22 ابريل/ نيسان 1974 اصيب عمير بجراح بالغة اقعدته سنة كاملة، بعدها انتقل الى كرسي متحرك لمدة أشهر طويلة، حتى عاد للسير على قدميه. -عندما خرج من المستشفى اشترى مزرعة في القرية التعاونية (نير عقيبا) وأصبح مزارعا للخضراوات والورود والثوم والورود. وحقق نجاحا في عمله. -في سن الثلاثين قرر بيرتس ان يخوض ألانتخابات في (سديروت) كممثل حزب ألعمل وفاز في الأنتخابات وظل لخمس سنوات رئيسا لمجلسها. - انتخب عمير بيرتس سنة 1988 عضوا في الكنيست ال 12 عن حزب العمل ومنذ ذلك الوقت وهو يشغل منصب عضو في الكنيست بصورة مستمرة. - كعضو في الكنيست كان مبادرا الى سن عشرات القوانين. من بينها قانون شركات المستخدمين وقانون الحد ألأدنى للأجور وقانون شركات الخدمات وغيرها. -في سنة 1994 انتخب عمير كرئيس للقسم المركزي في الهستدروت قسم التنظيم المهني. وفي ديسمبر 1995 انتخب عمير رئيسا للهستدروت الجديدة وبعد 3 سنوات انتخب مرة اخرى في انتخابات مباشرة (شخصية) لوظيفة رئيس الهستدروت باغلبية كبيرة وفي مايو 2002 انتخب لفترة خمس سنوات اخرى. - بوصفه قائدا للهستدروت في فترة من أصعب الفترات من ناحية اجتماعية واقتصادية. قاد عمير النضال ضد اقسام كبيرة من التصحيحات الاقتصادية التي بادرت اليها وزارة المالية. -الهستدروت وعمير على رأسها تقدموا لمساعدة المستخدمين وفي خطوة غريبة قامت الهستدروت باضراب شمل كل المرافق في اسرائيل لكي يحول الانظار الى مستخدمي السلطات المحلية، ما ادى الى حل مؤقت لمشكلة المستخدمين. -على مدى سنوات كان عمير بيرتس من السباقين والبارزين في مخيم السلام الأسرائيلي منذ أن كان رئيسا لمجلس سديروت في الثمانينيات أيد اقامة دولة فلسطينية واهتم بالتعاون اليومي بين الشعبين، في ذلك الوقت عبر عن نفسه بتأييده حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في دولة مستقلة. نظم التظاهرة الكبرى «النقب يغني للسلام» ومن هناك طالب بوجوب ترك غزة على الفور. كمواطن من سديروت أقام تنظيما مشتركا مع زعماء فلسطينيين من غزة مثل حيدر عبدالشافي، سمي التنظيم «جيران يتكلمون عن السلام» . -وقف عمير بين المتظاهرين ضد استمرار الاستثمار في المستوطنات على حساب ألأحياء الفقيرة ومدن التطوير. وفي نطاق الهستدروت عمل عمير بتعاون مع اتحادات فلسطينية. تبنى فكرة ان يقوم الهستدروت الجديدة بالدفاع عن حقوق العمال الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق السلطة الفلسطينية.