أكتبُ لكِ لأنكِ اخترتِ التخصص الذي يرتبط بي رغم عدم توثيق أي رابط حقيقي بيننا. الإعلام يارفيقة يحتاج للكثير من المصداقية في زمن ضجت أركانه بالكذب والهراء، يحتاجُ لثقافة فكرية، وقولية، وفعلية. ياصديقتي في الأيام المقبلة يتوجب عليكِ التفكير بنفسكِ قليلًا وبالعالم كثيرًا، وأظنّ ذلك مرهقًا جدًا، مرهقًا لمن لايمتلك القدرة على إدارة ذاته، لمن لايعرف كيف يفكر وبم يفكر وماذا يعمل؟ لكنكِ لستِ منهم، ولديّ كل الثقة بأنك ستجتازين الصعاب وتدخلين المجال بفؤادٍ واثق، وخُطى ثابتة بإذن المولى. كونكِ إعلامية فعليكِ العمل بإخلاصٍ وإنسانية، فالناس عَطشى والكرة الأرضية تفيض بالبحار، الناس بحاجة لكلمة تعيدُ لهم اتزانهم وتضمّد جراحهم، بحاجة لإعلامي لايخجل من الحقيقة ولايزيّف الأخبار ليعود الأمر لصالحه والأجر لجيبه. لأنكِ إعلامية، ضاعفي شعوركِ بالغير اشعري بكل شيء حتى بهرة متسولة لمْ تجد قوت يومها! خذي المشاكل كلها على محمل الجد وابحثي لها عن حلول وتأمّلي، وطالعي، وتطلّعي، واسمعي كثيرًا ولاتكتبي إلا ما يستحق. وبالنسبة للكتابة فلا تتكلفي بها كثيرًا ولاتظنّي أن النجاح في المجال الإعلامي يعتمد على تنميق الكلمات فحسب فالفكرة المجدية لها الدور الأكبر، اكتبي ببساطة محملة بالثقافة، وانزلي الناس منازلهم؛ لتصل الفكرة للعامة. رحمَ الله الكاتب مصطفى صادق الرافعي الذي قال:"فإن كثيرًا من كلام الصحف لو مسخه الله شيئًا غير الحروف المطبعية، لطار كله ذبابًا على وجوه القراء" وكان صادقًا بما قال، فالعبرة ليست بعدد المقالات أو النشاطات الصحفية، العبرة تكمن بالفوائد المترتبة عليها وتأثيرها الإيجابي على القرّاء. اكتبي خيالك البناء على مسودة وحاولي تجسيد الخيال على أرض الواقع أخلصي نيتك لله عزّ وجل واعملي عملًا يُرضيه. وبما أنّ أهل الإعلام لهم أتباع كثُر فأنتِ مسؤولة عن أتباعك وأفكارك، اسلكي سبيل الإصلاح وانشري الأفكار المثمرة، والقيم الإنسانية، والمبادئ الرفيعة. مهلًا..أصلحي ذاتك أولًا، ابدئي بنفسك وراقبي أفعالك فالإصلاح الفعلي يجب أن ينبع من الداخل.