ارتفعت أسعار العقار بشكل جنوني سواء بالشراء أو بالإيجار، إلى درجة أن حلم تملك العقار أصبح مستحيلا لدى فئة كبيرة من المواطنين، خاصة أصحاب الدخل المحدود، أسعار الفلل ذات الدورين وصلت للملايين، وأسعار الشقق وصلت إلى خمسمئة وستمئة ألف ريال، وأسعار الأراضي ارتفعت إلى حدود غير مبررة وغير معقولة. في الثمانينات الهجرية كانت الفلل جديدة بالرياض وأسعار الفلل في حي الملز أو فلل بن تركي في حي الشفا لاتتجاوز الأربعين ألف ريال للفيلا دور واحد أو دورين بستين ألف ريال فقط لاغير، ومنذ خمسة عشر عاما كان بالإمكان شراء فيلا بأربعمئة ألف ريال.. فما هي الأسباب التي أدت الى هذا الارتفاع الجنوني؟. أعتقد أن أول الأسباب هو منع البلديات إضافة أدوار أكثر من دورين في الفيلا الواحدة، مع أن ذلك للمصلحة العامة من حيث توفير الأراضي وتقليل المصاريف في تكاليف الخدمات مثل الكهرباء والمياه والهاتف، وهذا المنع شتت العوائل في أنحاء المدن، لذلك تجد أن أب العائلة في حي وأبناؤه في أحياء أخرى، بينما لو سمح بإضافة أدوار علوية أكثر من دورين لتجمعت العوائل مما يدعم العلاقات العائلية ويوفر الأراضي. وثاني الأسباب ما حدث من تغير في مجتمعنا؛ إذ إن كل عريس جديد يخرج من بيت والده؛ ليستأجر دورا من فيلا أو شقة حتى ولو كان بالإمكان التصرف وعمل شقة في بيت والده، فالعروسة لاترضى بالسكن فوق بيت والدي العريس، وغالبا تشترط العروس ذلك في عقد الزواج، وثالث الأسباب عدم انتهاء مشروع الإسكان الذي لم يؤسس له كما بجب؛ إذ إن الخدمات يجب أن تؤسس قبل البدء في البناء وقبل سفلتة الشوارع، ورابع الأسباب احتكار تجار الأراضي وعدم التسامح في البيع، وقلة المعروض إلى نسبة الطلب، وخامسا عدم المرونة في إيجاد حلول ناجعة لكي يتم السماح بتعلية الأدوار خاصة للعمائر، مثل فرض تأسيس دور أو دورين تحت مستوى الأرض (بدروم) كمواقف للسيارات، والسماح بتعلية الأدوار في الفلل إلى خمسة أدوار لكي لاتتفرق العوائل. هذا عن امتلاك الفلل والأراضي، أما الإيجارات فحدث ولاحرج.. لقد بلغ إيجار الدور الأرضي في الأحياء الشعبيه إلى خمسة وأربعين ألف ريال والشقق إلى خمسة وعشرين ألف ريال؛ مما يجعل أصحاب الدخل المحدود المستأجرين في توتر نفسي وحالات يرثى لها. والتضخم العقاري آفة تبتلع أموال المواطنين مما يجعلهم خاضعين للديون وقروض البنوك، والتضخم ليس من مصلحة الوطن والمواطن، ولذا فإن على الجهات المختصة في المملكة دراسة الوضع القائم حاليا، وإيجاد الحلول اللازمة لذلك؛ وأقترح تخصيص مخططات لبناء عمائر سكنية عالية لاتقل عن ثلاثين دورا للعمارة الواحدة، ويكون بينها مسافات خضراء للتهوية والجمال، والعمائر العالية تعطي جمالا للمدن وتكفي لإسكان أعداد كبيرة من السكان وبالإمكان إنشاء مدن جديدة تكون أراضيها منحا من الدولة أعزها الله لأصحاب الدخل المحدود ويتم إقراض ممتلكيها فورا من البنك العقاري أو البنوك الأخرى. وفق الله المسؤولين في مملكتنا الغالية لما فيه خير البلاد والعباد.