استطاع جيريمي كوربين في وقت محدود للغاية ومنذ إعلانه الترشح لزعامة حزب العمال ان يخلط الأوراق مجددا في الحزب الذي عانى في الانتخابات الماضية والتي سبقتها. وبعد ان كان السباق منحصرا بين اندي بورنام ويفيت كوبر حول زعامة الحزب، أصبح كوربين المرشح الأقوى بنيله 78 في المئة من الأصوات بحسب استطلاعات الرأي، وهي نسبة لم يستطع ايا من السياسيين سواء من حزبي العمال او المحافظين الحصول عليها عند إعلان ترشحهما لرئاسة أحزابهم. وكوربين هو نائب عن منطقة ازلنغتون منذ العام 1983، وعرف بتوجهه اليساري. ويعترف زملاؤه من حزب العمال ان له رأيا مستقلا، وكان دائم الاختلاف في العديد من القضايا إبان تولي العمال الحكم لمدة 13 سنة. وهي حالة نادرة في السياسة البريطانية لا سيما انه يمثل الحزب لأكثر من 32 عاما. وكان كوربين كثير المشاركة في النقابات العمالية والمظاهرات المطالبة بحقوقهم، ما اكسبه شعبية كبيرة وسطهم ما يؤهله للفوز في الانتخابات وبالتالي خوض انتخابات العام 2020 كمرشح للحزب لرئاسة الحكومة. وكان توني بلير رئيس الحكومة الاسبق قد صرح بأن ترشح كوبرين سيكون كارثيا على الحزب، ويعرف كوبرين بمعارضته الدائمة لسياسات توني بلير عند توليه زعامة الحزب. وعرف عن كوربين مناصرته للقضية الفلسطينية العادلة وضد سياسة الفصل العنصري التي تنتهجها إسرائيل، ودائم الانتقاد لها ومناصر لقضايا العرب. كما انه كان ضد الحرب على قطاع غزة والحرب على العراق، وقاد مظاهرات عديدة للتنديد بذلك. كما ان له بعض الآراء فيما يتعلق في الشأن الداخلي البريطاني ما تعتبر غريبة بعض الشيء عن توجه الأحزاب البريطانية عامة، وهو تأييده لاندماج ايرلندا الشمالية (التابعة للملكة المتحدة) مع جمهورية ايرلندا، ما جلب له الكثير من الانتقادات من جميع الأحزاب. وعلى المستوى الاقتصادي يسعى كوبرين لإنهاء الخصخصة للعديد من الشركات وعودتها لملكية الدولة. والمتابع لمسيرته كوبرين يرى انه لا يزال متمسكا بمبادئه السابقة منذ دخوله المعترك السياسي وهي حالة نادرة قليلا ما تشهده بريطانيا لنائب لأكثر من 32 عاما. ومن القضايا التي يتوقع ان ينال منها كوربين اصواتا كبيرة، هي رفضه لوجود رسوم دراسية من الأساس. وهذا ما يختلف مع سياسة الحزب التي تطالب بتخفيضها وليس اختلافها، ما يجلب له تأييدا كبيرا من باقي شرائح المجتمع البريطاني في ظل حالة الكساد التي تعاني منها بريطانيا في الوقت الراهن. ويأمل أعضاء حزب العمال، من هم دون ال 25 عاما، ان يعبر كوبرين عن أمانيهم وتطلعاتهم لا سيما وان النسبة الكبرى منهم ستصوت له بعد ان فقدوا في المرشحين الآخرين الحماس والرغبة في التغيير. ويأمل الحزب الذي يعاني منذ سنوات من انتكاسة تلو الأخرى بعد هزيمتين انتخابيتين وضمان بقائه خارج الحكومة لعشر سنوات، وخسارته اغلب مقاعده في اسكتلندا لصالح الحزب القومي الاسكتلندي وفشله في التصويت على العديد من القوانين وتخلفه عن حزب المحافظين ب99 نائبا، ان يكون جيرمي كوبريين منقذا للحزب من أزمته الحالية. وكان أعضاء سابقون من الحزب قد قالوا ان الحزب قد يشهد انقساما داخليا ما قد يفقد الحزب الأمل في الفوز في المستقبل.