يزداد الإقبال على الألعاب النارية مع قدوم الأعياد والمناسبات، وأصبحت تلك الألعاب عادة سنوية عند بعض الأطفال والمراهقين وحتى عند بعض الشباب، وفي الليالي الأخيرة من شهر رمضان المبارك، ومع قرب حلول عيد الفطر ينشط باعة تلك الألعاب النارية وينتشرون في الطرقات وعلى الأرصفة وفي بعض الأسواق بشكل مخالف للتعليمات التي تحظر بيعها أو استخدامها. وبالرغم من جمال أشكالها وألوانها إلا أنها تشكل خطراً على الأطفال والمراهقين لما تسببه من حوادث أليمة تقتل بهجة العيد وتحوله إلى يوم لعلاج الإصابات والحروق التي تخلفها تلك الألعاب النارية، إلى جانب كونها مصدر أذى للآخرين لما تسببه من أصوات مزعجة وأدخنة خانقة وأخطار محدقة. سوق الألعاب النارية وفي جولة على سوق جملة الألعاب النارية في أحد الشوارع الرئيسية في مدينة الرياض كان أبو سلطان – بائع جملة ألعاب نارية وشروخ وطراطيع – يقف خلف بسطته المخصصة لبيع جميع أنواع الألعاب النارية والمفرقعات والشروخ والطراطيع، وكان حذراً جداً في حديثه وعينه على الشارع الرئيس حيناً وعلى مداخل السوق حيناً آخر، وفي نفس الوقت يدور بينه وبين أحد المشترين نقاش يزداد حدة بسبب رفض ذلك المشتري أن يطفئ سيجارته التي كان يشعلها بالقرب من مبسطه، طالباً منه ألا يكون سبباً في إشعال حريق كبير في السوق بكامله؛ بسبب إشعاله للسيجارة، وعندما طلبنا منه تصوير أنواع الألعاب النارية قابل طلبنا بالرفض القاطع، وعند سؤاله عن أنواع الألعاب النارية، كشف لنا أنّها لا تصلح للأطفال الذين تقل أعمارهم عن (15) عاماً وقال بأنها من نوع أرض–جو (sky cruiser)، مبيّناً أنّ سعرها (70) ريالاً، وهناك أيضاً صواريخ شفاف، موضحاً أنّ الربطة بها (12) صاروخاً، وسعرها (70) ريالاً، مشيراً إلى أنّ هناك أنواعاً أخرى كثيرة منها (نجوم الليل، الثوم، الكبريت، الفحم، النحلة)، لافتاً إلى أنّ أسعارها تتراوح بين (30–40) ريالاً، وأنّ هناك أنواعاً أخرى لا يقوم بإحضارها إلاّ عند طلبها. متعة وفرح وذكرت أم طلال – معلمة – أنّ الألعاب النارية فيها متعة - خاصة للأطفال -، معتبرةً أنّه لا بأس ببعض الألعاب النارية الخفيفة، خاصة ما كان يضيء لأنّه يدخل السرور والبهجة على قلوب الأطفال، بل وحتى الشباب، خاصةً إذا كانت بدون صوت، وكانت تحت إشراف شخص كبير، واستخدمت بدون إسراف وفي حدود المعقول، موضحةً أنّ الطفل الصغير يجب أن لا يستخدمها لوحده، بل يجب على الوالدين أو شخص أكبر منه مشاركته في ذلك ويجب الحذر في استخدامها في كل مرة. وأضافت أنّ الألعاب النارية متعة خصوصاً في ليالي العيد، فهي تدل على الفرح، موضحةً أنّ ظهورها يرتبط بشهر رمضان المبارك وبالأعياد، بينما تختفي تقريباً في باقي شهور السنة، لافتةً إلى أنّ الألعاب النارية أصبحت شيئاً أساسياً للتعبير عن الأفراح والمناسبات، منوهةً بأنّ الفرح واللعب وخصوصاً للأطفال نشاط حيوي ومهم في حياتهم ويكون له تأثير على شخصياتهم، مشيرةً إلى أنّها تستخدم الألعاب النارية والمفرقعات (الشروخ والطراطيع) ولكن بحذر، وتستخدمها في العيد مع أطفالها ومع أقاربهم في حدود المعقول وبدون مبالغة. خطورة بالغة ولفتت سمر الصالح – موظفة - إلى أنّ الألعاب النارية تبدأ كتسلية وقد تنتهي بمأساة للأطفال أو للمستخدمين لها أو للمجاورين أو حتى من المارة، حيث ينتج عنها العديد من الإصابات وخاصة لدى الأطفال الصغار نتيجة اللعب بها أو الاقتراب منها للمشاهدة فقط، موضحةً أنّ استخدام الألعاب النارية أصبح عادة سلوكية سيئة جداً عند بعض الأطفال؛ مما يتسبب في إثارة الرعب والفوضى في الشوارع والأسواق، إلاّ أنّه ورغم تلك الأخطار والتحذيرات التي تصدر بشأنها، نجد أنّ هناك من يقوم بتوفيرها وبيعها خاصة مع قرب الاحتفال بعيد الفطر المبارك، فتجدها متوفرة في كل سوق؛ مما يؤدي إلى انتشارها وتعلق الأطفال بها، مع أنها تشكل تهديداً حقيقياً لا يستهان به على صحتهم وحياتهم، وهناك إصابات وأضرار قد وصل بعضها للخطيرة نتيجة استخدام تلك الألعاب ولا يشعر بها إلاّ من تضرر منها مباشرة، كما أنّها تسبب الهلع والخوف والانزعاج، وبالتالي تترك آثاراً نفسية سيئة، وقد تؤدي إلى انهيار عصبي أو تلف في الأعصاب. وأضافت: إن السؤال الذي يتردد دائماً: ماذا عن التنسيق بين الجهات المسؤولة في محاربة هذه الآفة الخطيرة؟، ولماذا لا يطبق بحقهم إجراءات نظامية صارمة، وتشديد العقوبات ضد من يتاجرون بهذه الألعاب التي تسبب أخطاراً على السلامة العامة، مؤكّدةً أنّ على الوالدين مسؤولية كبيرة خاصة فيما يتعلق بتوعية أبنائهم من سلبيات وأضرار وأخطار الألعاب النارية، وتوجيه الأطفال بعدم تداولها ومتابعة أبنائهم وردعهم عن استخدام هذه الألعاب ومحاسبتهم على كيفية إنفاق النقود التي تعطى لهم والمراقبة الدائمة على مشترياتهم. وأشارت إلى أنّ تساهل الوالدين مع أبنائهم وتركهم يلعبون بالألعاب النارية دون تقدير لحجم خطورتها عليهم ينتج عنه عدد من الإصابات الخطيرة والحروق، وأحياناً قد تصل إلى حد الوفيات، موضحةً أنّه في أحد الأعوام وأثناء شهر رمضان المبارك حدث في إحدى الأسر وكان لديهم ابن وحيد يبلغ من العمر (13) عاماً واشترى له والده (طراطيع وشروخ) من النوع الذي يباع بالخفية، وأخذ الابن (الطراطيع) وقام بإشعال واحدة منها، لكنها لم تنفجر مباشرة، فقام ذلك الطفل البريء بأخذها وإذا بها تنفجر في وجهه بشدة، وأحدثت له جروحاً وإصابات خطيرة في وجهه، وقام والده مباشرة بنقله للمستشفى، وقد حصل له نزيف حاد، وبعد أيام معدودة من الحادث توفي الطفل. تركي السنان ظاهرة سلبية وأوضح تركي بن محمد السنان – موظف قطاع خاص - أنّ استخدام الألعاب النارية والمفرقعات يعدّ من الظواهر السلبية المنتشرة في المجتمع، ورغم التحذيرات الصحية والاجتماعية من خطورة هذه الألعاب فإن بيعها مازال منتشراً بلا رقيب، كما أنّ الكثير من الأطفال يأتون - خاصةً أيام العيد - لشراء تلك المفرقعات النارية دون علم أهاليهم وبكميات ليست بالقليلة، ويسارع الصغار إلى شرائها بسبب تنوع أشكالها وأحجامها، على الرغم من التحذيرات بوقف تداولها وبيعها، مبيّناً أنّ هناك حوادث أليمة تقع وتتسبب في قتل بهجة العيد وتحوله إلى يوم طويل في المستشفيات لعلاج حروق وإصابات خلفتها تلك الألعاب النارية، مشدداً على ضرورة التنبيه على الأبناء بضرورة الابتعاد عن استخدام هذه الألعاب، خاصة في أماكن التجمعات السكنية والمتنزهات خاصة في ظل تمتع الناس بإجازات العيد. بسطات الألعاب النارية خطر يتربص بالمجتمع ثمانية آلاف إصابة استقبلتها المستشفيات في عام! أكّد د. عبدالله بن سعيد المالكي -استشاري ورئيس قسم طب طوارئ الأطفال بمستشفى أبها للولادة والأطفال- أنّ أمتع الأوقات وأسعدها احتفالات الأعياد، مبيّناً أن مما يزيد متعة تلك الاحتفالات الأصوات الصاخبة والألوان البهيجة التي تصدرها الألعاب النارية، مستدركاً: إلاّ أنّ تلك الألعاب النارية إذا لم تكن بأيدي محترفين وتحت معايير الأمن والسلامة، فقد تتسبب في قلب الأفراح إلى أتراح والأعياد إلى مآتم –لا قدر الله–، ففي سنة واحدة استقبلت أقسام الطوارئ بالمستشفيات ما يزيد عن (8000) إصابة منها (16) حالة وفاة، وما يقرب من نصف تلك الإصابات كانت لأطفال أعمارهم أقل من (15) سنة، والسبب في تلك الإصابات والوفيات كان الاستخدام العشوائي وغير الآمن للمفرقعات والألعاب النارية" موضحاً أنّ إصابات اليدين شكلت نسبة (40%) من الإصابات، وإصابات العينين (20%)، وشكلت إصابات الرأس والوجه نسبة (20%)، وثلث إصابات العينين تؤدي إلى العمى الدائم. د. عبدالله المالكي وأضاف أنّ بعض إصابات الأطفال تحدث لهم وهم يتفرجون مع عائلاتهم، ولم يكونوا يباشرون اللعب بأنفسهم وأن أكثر من نصف الحوادث قد حدثت مع وجود مراقب راشد، مؤكّداً على منع الأطفال من إشعال الألعاب النارية بأنفسهم واشتراط وجود شخص راشد لمراقبتهم لا يفي بالغرض في منع هذا النوع من الحوادث، مشيراً إلى أنّ كل هذه المآسي وضياع الصحة والحياة والأموال هي مخاطر بالإمكان منعها تماماً، عندما يتم منع وصول الألعاب النارية لأيدي كل أفراد المجتمع، إلاّ المتخصصين المحترفين الذين يستخدمونها تحت معايير الأمان والسلامة الصحيحة. وأشار إلى أنّ لهذه الأسباب مجتمعة يجب على الأطباء والمثقفين وأهل القرار العمل على توعية الأطفال وعائلاتهم وجميع شرائح المجتمع إلى الاستمتاع بالألعاب النارية فقط أثناء الاحتفالات الرسمية، التي تخضع لمعايير السلامة والأمان، مؤكّداً على ضرورة منع الاقتناء المنزلي والاستخدام العشوائي لهذه الألعاب لما قد تحدثه من ويلات ومصائب.