قال السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان ان ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري سيقرر في الأيام القادمة المدى الذي سيذهب إليه في التحقيق في هذه الجريمة مؤكدا أن تعاون سورية تماما سيعفيها من العقوبات كما سيساعد في تقديم المطلوبين للعدالة سواء كانوا من سورية أو لبنان أو من أية دولة أخرى . وحذر عنان في مؤتمر صحافي مشترك مع عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية عقب مباحثات موسعة بمقر الجامعة أمس من عدم تعاون سورية مع اللجنة وقال: « إذا لم تتعاون سورية فان ذلك يعرضها للعقوبات التي تتسبب في ضرر الكثير من الأبرياء وان الأممالمتحدة تجري دراسات لتطبيق عقوبات ذكية على المتورطين في اغتيال الحريري وان هذا لا يعني أن مجلس الأمن ينظر فعلا في فرض عقوبات على سورية وإنما رسالة المجلس هي الرغبة في تعاون كامل من قبل سورية في التحقيقات». وقال عنان ان مصر لديها أيضا اهتمام كبير بمعرفة الحقيقة ومعاقبة المتورطين في اغتيال الحريري، واعتقد أن القاهرة وباقي دول العالم تدعم قرار مجلس الأمن من أجل الوصول الى الحقيقة. وردا على سؤال حول العلاقات السورية - اللبنانية ومدى تأثرها، قال عنان: «نأمل أن تكون هناك علاقات طبيعية بين سورية ولبنان حتى يتحقق مزيد من الاستقرار». وأشار الى أن سورية شكلت فريقا للتعاون مع لجنة التحقيق وقال «انه في حالة فرض عقوبات على المتورطين فإن هذه العقوبات ستكون ذكية ومحددة ولن تضر المواطنين ولكنها ستكون ضد المتورطين فقط». وردا على سؤال حول موقفه من التواجد العسكري في العراق أشار عنان إلى أن مجلس الأمن يناقش خلال هذه الأيام طلب تمديد التواجد الذي كان من المقرر أن ينتهي في ديسمبر هذا العام وقال انه ليس لديه اي حرج في مناقشة موضوع التمديد والتواجد العسكري وتحديد موعد انسحاب قوات التحالف من العراق . كان موسى بحث في اجتماعين منفصلين مع الامين العام والمندوبين الدائمين الاوضاع في العراق وفلسطين وسورية ولبنان والتعاون بين الجامعة العربية والاممالمتحدة والقضايا ذات الاهتمام المشترك وذلك قبيل مغادرة موسى الى الرياض ودمشق لمباحثات حول الملف السوري . وكان موسى أجرى عددا من الاتصالات الهاتفية مع كبار المسؤولين والقادة العرب، وعرض على الرئيس حسني مبارك والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رئيس القمة العربية الحالية التطورات الاخيرة على الساحة العربية، كما اجرى اتصالا مع كل من عاهل الاردن الملك عبدالله الثاني والرئيس السوري بشار الاسد . كما أجرى سلسلة من الاتصالات مع عدد من وزراء الخارجية العرب في اطار متابعة التطورات العربية الراهنة . كما أجرى كوفي عنان مباحثات مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط تناولت الموضوع السوري حيث رحب عنان بالتعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية وأكد على أهمية التجاوب السوري مع لجنة التحقيق . وحول ما إذا كان عنان طلب شيئا محددا من مصر فيما يتعلق بالمسألة السورية قال أبوالغيط إنه تحدث مع عنان حول رؤية مصر لهذه التطورات ورؤية الأممالمتحدة ممثلة في الأمين العام مشيرا الى أن هناك اتفاقا على أن الجانب السوري أبدى استعدادا للتعامل بايجابية مع لجنة التحقيق . وأضاف أبوالغيط أن عنان يرى أنه في نهاية هذه التحقيقات ربما نشهد محاكمة على الأرض اللبنانية باعتبار أن قرارات الأممالمتحدة تتحدث عن مساعدة السلطة اللبنانية على القيام بمسؤولياتها فيما يتعلق بالتحقيق والمحاكمة، ومع ذلك تظل هناك احتمالات محاكمة دولية من وجهة نظر المحقق الدولي ومن خلال توافق لبنانى دولي. وتابع: «اننا لم نصل الى مرحلة ما الذي سيتم بعد انتهاء التحقيقات وأن هناك تطابقا في وجهات النظر بين مصر والأممالمتحدة حول التطورات الأخيرة في الملف السوري اللبناني .. واتفاق في الرؤى بين الجانبين بأن الجانب السوري يعبر حاليا عن استعداده للتعامل ايجابيا مع متطلبات لجنة ميليس». وعن مخاوف البعض من امكانية تكرار سيناريو العراق مع سورية حتى لو تعاونت بصورة كاملة مع قرار مجلس الأمن أعرب عنان عن أمله في ألا يفكر أحد في ذلك وقال انه اذا كان الخوف هو من امكانية اندلاع حرب على نحو ماحدث في الحالة العراقية فإن المأمول بالطبع هو تجنب السير في هذا الاتجاه مشيرا الى أن أحدا في مجلس الأمن لا يتبنى مثل هذا التوجه على حد علمه، ولدينا في منطقة الشرق الأوسط مايكفي من المشاكل ولانحتاج للمزيد منها. وحول موقف الأممالمتحدة من المبادرة العربية الخاصة بتحقيق الوفاق والمصالحة في العراق وصف عنان المبادرة بأنها جيدة للغاية مؤكدا الحاجة الى تحقيق مصالحة في العراق وقال: «اذا لم نساعد الأطراف على تحقيق ذلك فلن تحقق الانتخابات القادمة النتائج المرجوة منها، ولذلك ندعو الأطراف المختلفة للالتقاء في القاهرة قريبا لتحقيق مصالحة تضمن تسوية المسألة وتنفيذ قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة والتي تؤكد على الحفاظ على عراق موحد وذى سيادة». من جانبه قال أبوالغيط ان المحادثات تطرقت أيضا الى مناقشة الشأن العراقي والوضع في الأراضي الفلسطينية والدفع بعملية السلام من خلال المجموعة الرباعية الدولية الراعية لخطة خريطة الطريق وتم كذلك مناقشة موضوع اقليم دارفورالسوداني والوضع في القرن الافريقي والمسألة الصومالية والوضع بين اريتريا واثيوبيا كما تمت مناقشة موضوع اصلاح الأممالمتحدة والأفكار المطروحة في هذا الخصوص سواء فيما يتعلق بمجلس لحقوق الإنسان ولجنة لبناء السلام وتوسعة مجلس الأمن واصلاح سكرتارية المنظمة الدولية مشيرا الى أن المحادثات عكست وجود رؤية مشتركة وواضحة ومحددة في هذا الخصوص . وحول عمل المجموعة الرباعية الدولية قال أبوالغيط إنه تمت مناقشة دورالمجموعة الرباعية مشيرا الى أنه تم خلال اللقاء التأكيد على أهمية الدفع بعملية السلام وعدم اتاحة الفرصة لتجميد المسألة وأننا نرصد بعض الهدوء في وتيرة وايقاع السعي نحو التسوية الشاملة أو على الاقل بدء عملية نشطة من اجل تنفيذ خريطة الطريق ولقد تحدثت مع عنان حول اهمية تشجيع الاممالمتحدة والمجموعة الرباعية الدولية للقيام بالمزيد من النشاط لاننا لانتصور أن تبقى الامور على ما هي عليه الآن وأكدنا أن مسألة الاهتمام بغزة شيء مطلوب لكن الاهتمام بالضفة الغربية أيضا هو أمر مطلوب . وشدد على ضرورة الاهتمام بالحديث عن المتطلبات الخاصة بالضفة الغربيةوغزة بما في ذلك مسائل المنفذ والممرات والمعبر والميناء والمطار وحرية الحركة بين الضفة وغزة . وحول تقرير المبعوث الدولي لعملية السلام جورج ولفنسون الذي انتقد تباطؤ تنفيذ اسرائيل التزاماتها اثر انسحابها من غزة وكذلك حول تصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون الذي استبعد فيه الدخول في مفاوضات سلام مع سورية أو الانسحاب من الجولان قال عنان ان المبعوث الدولي كان محقا في تقريره مشيرا الى أن ولفنسون يهدف من مهمته لضمان أن تتحرك الأمور قدما بما يمكن من اقامة اقتصاد فلسطيني قادر على الاستمرار وهو ما يدعو للاسراع بالجهود الرامية لتسوية المسائل المتعلقة بحرية الحركة للفلسطينيين ووعد بأن تستمر الأممالمتحدة في جهودها للدفع في هذا الاتجاه . وفيما يتعلق بتصريح شارون قال انه يتعين النظر أولا بدقة الى هذا التصريح مؤكدا أنه بشكل عام فإن الأممالمتحدة معنية بتقدم مسيرة السلام على جميع المسارات، فالهدف النهائي هو تحقيق السلام الشامل وسوف تظل الأممالمتحدة تتابع جهود تحقيق التقدم على المسار السوري خاصة وأن هناك بعض القضايا التي لاتزال مطروحة على مائدة المفاوضات ويجب التوصل لحل بشأنها .