خلافا للارتياح الذي ساد في بروكسل بعد الاتفاق بين اثينا ودائنيها، حملت اصوات بحدة على هذه التسوية التي تم التوصل اليها "بمسدس مصوب على رأس" الكسيس تسيبراس اول رئيس حكومة اوروبي من اليسار الراديكالي. ففي مدريد اثار الاتفاق غضب بابلو ايتشينيكي النائب الاوروبي السابق وممثل حزب بوديموس اقرب حليف اوروبي لحزب سيريزا الذي يقوده تسيبراس. وقال ان "ما يسعون اليه في اليونان هو احداث انقلاب مالي وتحويلها الى محمية". واضاف ايتشينيكي الذي يعد من "المتشددين" في بوديموس حزب بابلو ايغليسياس ان "التضامن الاوروبي لا وجود له". وتوصل الاوروبيون الى اتفاق للتفاوض على خطة مساعدة ثالثة لليونان تبقي هذا البلد في منتطقة اليورو لكن لقاء تضحيات كبيرة من قبل اثينا التي تبقى بحاجة الى دعم مالي جديد. وتم التوصل الى الاتفاق في ختام مفاوضات طويلة استمرت 17 ساعة اضطر خلالها رؤساء وحكومات الدول ال19 الاعضاء في منطقة اليورو لتجاوز انقساماتهم واستئناف حوار كان مقطوعا مع اثينا. وفي المجموع تبلغ قيمة خطة الانقاذ الثالثة هذه لليونان منذ 2010 بين 82 و86 مليار يورو. في المقابل سيصوت البرلمان اليوناني اليوم الاربعاء على الارجح على اصلاحات قاسية وغير شعبية اطلاقا يطالب بها الدائنون مقابل خطة الانقاذ هذه. وهي تتضمن خصوصا زيادة ضريبة القيمة المضافة واصلاح نظام التقاعد وعمليات الخصخصة ومكتب الاحصاءات. وهناك اجراءات تمس قطاعات محددة مثل فتح المحلات التجارية الاحد وتنظيم عمل الصيدليات. وتلقى قضية اليونان اهتماما في اسبانيا اكثر من اي مكان آخر في اوروبا بينما اصبح حزب بوديموس ثالث قوة سياسية في البلاد التي ستشهد انتخابات تشريعية خلال اقل من ستة اشهر. ويرى بوديموس كغيره من كل التشكيلات اليسارية المعادية لليبرالية الاوروبية التي جعلت تسيبراس بطلا في مقاومة التقشف ونموذجا يحتذى به، ان الاتفاق الذي ابرم الاثنين مرير. في فرنسا كرر جان لوك ميلانشون الذي شارك في تأسيس حزب اليسار والقريب من تسيبراس وايغليسياس عبارة قالها احد اعضاء الحكومة اليونانية عندما تحدث عن مفاوضات "مع مسدس مصوب الى الصدغ". وقال معبرا عن استيائه "هذا هو الاتحاد الاوروبي. انه مسدس موجه الى الصدغ، شعب مخنوق اصلا ويخضع لحصار مالي عليه ان يبرم +اتفاقا+ بعد 13 ساعة من المفاوضات؟". من جهتها، رأت كاتارينا مارتنز القيادية في كتلة اليسار الحزب المناهض لليبرالية في البرتغال "هذا ليس اتفاقا انه املاءات". واضافت ان "الديموقراطية شطبت من الخارطة لتحل محلها املاءات من النوع الاستعماري". ومنذ مساء الاحد وضع كاتب الافتتاحية وحائز نوبل للاقتصاد بول كروغمان الذي يعد مصدر وحي لليسار المناهض لليبرالية على مدونته شعارا تتداوله شبكات التواصل الاجتماعي "هذا انقلاب". واضاف ان "لائحة طلبات مجموعة اليورو جنون. انه هاشتاغ رائج وهذا انقلاب امر صحيح تماما. الامر تجاوز القسوة واصبح رغبة في الانتقام والتدمير الكامل للسيادة الوطنية". وتابع "انها خيانة فاضحة لكل ما يريد المشروع الاوروبي الدفاع عنه". وفي ايطاليا، رأت الحركة الشعبوية خمس نجوم بزعامة بيبي غريو الممثل الكوميدي السابق ان "الديموقراطية معلقة واهانة اليونان انذار لكل الدول التي تطالب بالاعتراف بسيادتها". وفي الطرف الآخر من الساحة السياسية الاوروبية، اشار حزب الاستقلال البريطاني (يوكيب) والحزب اليميني الفرنسي المتطرف الجبهة الوطنية الى اهانة اثينا التي مست سيادتها. وقال نايجل فراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني "لو كنت مسؤولا سياسيا يونانيا لصوت ضد هذا الاتفاق". واضاف ان "الاتفاق يظهر ان الديموقراطية والانتماء الى منطقة اليورو امران متعارضان"، بينما ستشهد بريطانيا قبل نهاية 2017 استفتاء حول بقائها في الاتحاد الاوروبي. وفي باريس دان نائب رئيس الجبهة الوطنية فلوريان فيليبو "استعباد شعب باكمله (...) لانقاذ اليورو باي ثمن". اما الايطالي ماتيو سالفيني زعيم حزب رابطة الشمال المعارض لليورو ايضا، فقد اعتبر الاتفاق "مهزلة". وقال "يقدمون هبة 80 مليارا اخرى ولا يراجعون اوروبا ولا المعاهدات".