قد تكون نظرة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية صائبة وهي تجري مشاورات مع الكلية الملكية الكندية في الطب لافتتاح فرع لها بالرياض (حسب جريدة المدينة يوم أول أمس الاثنين) بهدف اتاحة الفرصة للأطباء السعوديين للحصول على الزمالة الكندية دون السفر إلى كندا.. خطوة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية قد تكون في الاتجاه الصحيح لو أنها تفاوضت مع الكلية الملكية الكندية لافتتاح فرع للكلية لمنح درجة البكالوريوس وليس للزمالة. وكذلك لوتشاورت مع الجامعات الأمريكية والبريطانية والألمانية لافتتاح فروع لجامعاتها بالمملكة لدرجة البكالوريوس للاستفادة من القيمة العلمية التي تتمتع بها تلك الجامعات وخاصة جامعاتها الشهيرة.. أما ما يتعلق بالزمالة في الطب والعلوم الصحية فمن الأفضل للطبيب السعودي أو الفني السعودي أن يتعلم في أمريكا وألمانيا وبريطانيا وكندا وفرنسا وأستراليا بعد درجة البكالوريوس من أن يتعلم داخل المملكة لأن الهدف من الابتعاث ليس فقط دراسة التخصص والتدريب والجلوس على مقاعد الدراسة والتدريب وخاصة للطبيب، وإنما الممارسة داخل المستشفيات الغربية ومرافقة الطبيب والتدرب على أيدي أساتذة الجامعات المميزين ممن لا تسمح المستشفيات والكليات الغربية بسفرهم الى بلدان أخرى وأيضاً الاطلاع على الأنظمة الطبية الحديثة والتجهيزات والتقنية وأساليب المعالجة والنواحي الادارية الطبية أي أن الهدف هوبيئة العمل وأساليب المستشفيات وسلوكيات الأطباء إضافة الى العلم الذي سيحصل عليه الطبيب، يضاف إلى ذلك تحصيل اللغة الأجنبية والاحتكاك مع المجتمعات الغربية أو ثقافاتها وشعوبها وهذه واحدة من أهم عناصر المعرفة التي لابد أن يلم بها أي طبيب. لذا من الأنسب للأطباء وطلاب الدراسات العليا الحصول على فترة من العمر الوظيفي للتدرب في مستشفيات وجامعات غربية عريقة في تلك التخصصات حتى يتمكن المبتعث من نقل تلك المعارف والعلوم والأساليب الادارية الى مستشفياتنا وجامعاتنا.. فمن الأفضل أن تتجه الهيئة السعودية للتخصصات الصحية إلى المطالبة والتفاوض مع الجامعات الأمريكيةوالغربية لافتتاح فروع لجامعاتها داخل المملكة تقتصر فقط على البكالوريوس والدبلومات ما بعد الثانوية العامة وأن تشترط على الأطباء للحصول على الزمالة والدرجات العلمية الأخرى أن يحصلوا عليها من جامعات غربية للفائدة العلمية والتقنية والادارية.. فمتى ما حصرنا تعليمنا الطبي والصحي والجامعي والزمالة داخل المملكة فإننا نتجه إلى تحجيم دائرة المعرفة والمهارة وجعلها أضيق مما يجب تدور داخلها المعارف فلا الطالب يستزيد ولا المستوى العلمي يرتقي في ظل غياب الجهات العلمية والأكاديمية العالمية التي تحدّث من أنظمتها وأساليب علاجها وفقاً للأبحاث الجديدة.. فوجود الطبيب والطالب السعودي داخل معامل ومستشفيات الجامعات الغربية أفضل من تواجده في معاملنا ومختبراتنا التي مازلنا نرسل العينات لفحصها في المختبرات الغربية وحتى الأشعة يفضل بعض الأطباء قراءتها في المراكز الغربية فمن الأولى أن نتجه في المسار الصحيح بدلاً من أن نكرر معارفنا وعلومنا، وأن لا نغلق أبواب البعثات أمام الأطباء والطلاب بعد أن فتحت مؤخراً وكانت مغلقة قبل ربع قرن دفعت الجامعات والمستشفيات نتيجته ثمناً علمياً باهظاً.