ما زلنا نتحدث عن العيد.. لا أعرف لماذا أشعر أن العيد هذا العام له مذاق مختلف.. لذلك قد أنشغل بالحديث عنه لفترة.. فاستحملوني! ليلة العيد رويشد لا ينام، تحاول أمه معه قدر المستطاع باللين تارة وبالتهديد بالضرب وإعلام الأب - المشغول في الملحق «ما درى عنهم» - تارة أخرى، ورويشد عنيد وليس له إلا رأيه، فهو عندما يريد أن يسهر سيسهر رغم أنف الوالدة والجدة وإغراءات العيدية واللبس الجديد والحرمان من الذهاب للملاهي أو لمحل الألعاب أو لمشاهدة الألعاب النارية. لم يكن أمام والدته سوى أن تستسلم له «وتشتري دماغها» كما يقول الاخوة في مصر وتنشغل في موعد العناية بالأظافر مع «لوليتا» التي تأتيها للمنزل بين فترة وأخرى لاكمال اللمسات التجميلية، ما علينا من أم رويشد فحديثنا اليوم عن رويشد الذي وضعته أمه أمام التلفزيون ليبحلق في «قناة أفلام الكرتون» وبجانبه علبة بسكويت ورقائق البطاطس وكومة من الحلويات، حتى ينشغل عنها ويكف عن السؤال: «جا العيد؟ متى بنروح بيت ماما جدة؟ متى بنروح الملاهي؟ وين أبوي؟ أبي ألبس بدلة «بات مان» ما أبي ألبس ثوب وغير ذلك من الأسئلة التي تتكرر كل ساعة، فالليل طويل والنهار لا يريد أن يطلع، ورويشد ينظر ظهور أول ضوء من الشمس حتى يرتدي ثوب العيد ويضع الغترة التي تغطي نصف ظهره وتجعله يقف مثل التمثال خوفاً من أن يميل العقال أو تقع الغترة التي وضعت عليها علبة نشا أرضاً وتحتضن التراب الذي يغطي الأرض. أخيراً جاء النهار.. بعد أن أجهز رويشد على علبتين من رقائق البطاطس وأربع قطع شيكولاته وصحن أيسكريم مع علبة بيبسي وقارورة ميرندا، جاء النهار.. وظهرت أمه في باب الغرفة وهي تطلب من العاملة المنزلية أن تساعد «رشودي» حتى يرتدي ملابسه حتى لا يتأخروا في الذهاب لبيت «ماما جدة» حيث العيد ينتظر هناك، رويشد غفت عينه وبيده قطعة شيكولاتة ذابت في يده ولم تذب في فمه، رغم محاولات «آن» العاملة المنزلية التي تقول له بصوت حاد: «هيا رسودي عيد فيه يجي، سرعة إلبس علسان ماما جدة ما في يزعل ورشودي في عالم آخر لتحمله آن قسراً إلى دورة المياه وتغسل وجهه بالماء البارد يفتح عينيه الحمراوان وهو يتثاءب كسلاً وهو يقول: «بطني يعورني» لكن لا أحد يسمعه! فالعاملة المنزلية ألبسته ثوبه مسرعة وذهبت للمطبخ كي تطمئن على المعجنات قبل أن تحترق. في بيت «ماما جدة» تجمع الصغار في الحديقة وكل منهم معه كمشة من الحلويات وتطل من جيوبهم الأوراق المالية «العيديات» وكل منهم يفكر في الذي سيشتريه ورويشد الذي نسي آلام بطنه والرغبة في النوم أخذ يركض خلف عبودي ونوير وهم يلعبون «بات مان وسبايدر مان» منتظرين أن يأتي العيد لكن قدرة رويشد على الحركة تتغلب عليها رغبته في النوم، لذلك فإنه قذف بنفسه على أقرب «كنبة» ونام وفي يده الغترة والعقال ويده الأخرى تمسك بجيبه خوفاً من أن تتطاير العيديات. الظهر اقترب، ورويشد لم يتحرك من مكانه ولم يبحث عنه أحد، ها هي العاملة المنزلية تأتي لتوقظه قائلة: «رشودي هيا فيه روح بيت»، رويشد يفتح عينيه متسائلاً: «أين العيد؟ جا العيد وراح وأنا ما شفته».