يقوم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان هذا الأسبوع بجولة سياسية هامة في الشرق الأوسط تشمل ثلاثاً من الدول العربية وهي المملكة العربية السعودية ومصر وتونس إضافة إلى الباكستان. وستكون مصر هي المحطة الأولى للسيد عنان - وفقاً للمتحدث الرسمي باسم الأمم المحدة، ستيفان دوجاريك - حيث سيجتمع عنان يوم الثلاثاء القادم مع الرئيس المصري حسني مبارك ثم يتوجه إلى المملكة العربية السعودية للقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وسوف تتركز مباحثات الأمين العام للأمم المتحدة في كل من المملكة ومصر على استقرار الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وعملية السلام والعراق ومتابعة نتائج القمة الأخيرة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي. ويتوقع وصول السيد عنان إلى المملكة مساء يوم الثلاثاء القادم. أما في تونس، فقال المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك ان عنان سيفتتح القمة الثانية لمجتمع المعلومات التي تحتضنها تونس كما أنه سيشارك في الملتقى العالمي للإعلام الالكتروني. وللفت أنظار العالم للاحتياجات الإنسانية، قبل حلول فصل الشتاء، سيقوم الأمين العام للأمم المتحدة بزيارة للمناطق المتضررة في باكستان من الزلزال المروع الذي شهدته مؤخراً. وخلال هذه سيلتقي عنان مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف. وسيلقي عنان خلال الزيارة كلمة للعالم عن احتياجات باكستان فيما بعد الزلزال. إلى ذلك ارجأ الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان زيارة رسمية مقررة الى ايران وسط الجدل القائم حول تصريحات للرئيس الايراني «بازالة اسرائيل عن الوجود» في حين شددت طهران أمس على ان هذا الاجراء اتى بمبادرة منها. ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية ليل الجمعة السبت عن «مصدر مطلع» في وزارة الخارجية ان الوزارة اتصلت بمكتب الاممالمتحدة في طهران «للطلب من كوفي انان القيام بزيارته في وقت مناسب اكثر». وأعلن ستيفان دوجاريك الناطق باسم انان الجمعة في بيان ان «الامين العام والحكومة الايرانية اتفقا على ان الوقت غير مناسب ليزور ايران». وأوضح دوجاريك «نظرا الى الجدل الحالي كان انان سيواجه صعوبات لإحراز تقدم حول المواضيع التي يرغب باثارتها مع السلطات الايرانية». وكان من المقرر ان يتوجه انان الى طهران من الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الى الثالث عشر منه في اطار جولة تقوده ايضا الى مصر والمملكة العربية السعودية وتونسوباكستان. وابقى انان على جولته باستثناء المحطة الايرانية. ويغادر نيويورك في عطلة نهاية الاسبوع الحالي. وقال دوجاريك ان انان سيتوقف الاثنين في باريس حيث يجري محادثات مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك. وهذه المحطة لم تكن مدرجة في جولته. وكان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد قال في خطاب ألقاه في 26 تشرين الاول/ اكتوبر في اطار مؤتمر بعنوان «العالم من دون صهيونية»، «كما قال الامام (اية الله الخميني) يجب ازالة اسرائيل عن الوجود». واثارت هذه التصريحات موجة احتجاجات في الكثير من دول العالم في حين طالبت اسرائيل بطرد ايران من الاممالمتحدة. واعرب انان شخصيا عن ذهوله ودان هذه التصريحات معتبرا انها مخالفة لميثاق الاممالمتحدة. وينص الميثاق ان الاعضاء لدى توقيعها على الميثاق تلتزم «عدم اللجوء الى التهديد او القوة ضد سلامة اراضي اي دولة او استقلالها السياسي». لكن انان ابقى على زيارته لطهران حينها موضحا انه ينوي وضع عملية السلام في الشرق الاوسط في صلب برنامج الزيارة فضلا عن حق كل دول المنطقة بالعيش في سلام ضمن حدود آمنة. وتواصل الجدل منذ ذلك الحين ومورست ضغوط على انان ليتخلى عن زيارته الى طهران على ما افادت مصادر دبلوماسية في الاممالمتحدة. والجمعة قالت مجموعة من البرلمانيين الاميركيين انها جمعت تواقيع العشرات من اعضاء الكونغرس على عريضة تطالب انان بإلغاء زيارته. وقال مارك كيرك النائب الجمهوري عن ايللينوي في بيان تلقته وكالة فرانس برس «ان زيارة رسمية للأمين العام للأمم المتحدة الى ايران ستشكل مكافأة لرجل هدد الشعب اليهودي بالابادة». واضاف «انشأنا الاممالمتحدة على رماد المحرقة النازية ولا يمكن لنا ان نسمح لزعيم دولة ان يهدد آخر». ويقف كيرك والنائب الديموقراطي روب اندروز (نيو جيرزي) اللذان يرأسان مجموعة الدراسة حول ايران في مجلس النواب الاميركي وراء العريضة. وقال اندروز من جهته «فضلا عن تصريحات الرئيس احمدي نجاد الداعية الى ارتكاب ابادة يواصل نظامه تجاهل الدعوات للتخلي عن طموحاته النووية والسماح بشفافية اكبر في برنامج تخصيب اليورانيوم». واضاف «ان زيارة الامين العام للأمم المتحدة في وقت تمر به الجهود الدبلوماسية بفترة حاسمة، ستضفي شرعية على الموقف الحالي للنظام وستضعف المجتمع الدولي». وتواجه ايران منذ اشهر في اختبار قوة مع الدول الغربية التي تدعوها الى تعليق نشاطاتها النووية الحساسة والا احالت ملفها الى مجلس الامن الدولي. من جانبه رحبت اسرائيل بقرار الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان بارجاء زيارته المتوقعة الى ايران اثر الجدل الذي اثارته دعوة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى «ازالة اسرائيل عن الوجود». وقال متحدث باسم الخارجية الاسرائيلية لوكالة فرانس برس «نعتبر ان قرار قادة في العالم بعدم مواصلة الاتصالات مع طهران ايجابي». واضاف المتحدث «ان اسرائيل ترحب بالانتقادات الدولية التي اثارتها التصريحات المتطرفة للرئيس الايراني». ورأى ان «من الاهمية بمكان الاشارة الى ان هذه التصريحات المتطرفة تشكل للاسف ايضا انعكاسا لسياسة دعم الارهاب وتطوير الاسلحة النووية» - على حد تعبيره. وكانت وسائل الاعلام الاسرائيلية تحدثت في الايام الاخيرة عن ضغوط اسرائيلية مورست على عنان لكي يرجىء زيارته الى طهران اذ يمكن ان تفسر على انها اشارة دعم لايران اثر دعوة الرئيس احمدي نجاد.