يجاور المنطقة العربية دولتان كبيرتان جغرافياً وبشرياً وإمكانات اقتصادية كبيرة، وفي الوسط تنمو إسرائيل لتقتطع أجزاءً من المنطقة، أو على الأقل تخترقها بوسائل مختلفة، لإضعافها وتمزيقها، بخلق كيانات طائفية وقومية، والمثلث الذي قد يحكم قوته من داخل مواقعنا، سبق أن حاول تشكيل تحالف يطوقنا عسكرياً، سواء كان بتخطيط من قوى خارجية، أو مطامع إقليمية.. تركيا، بعد زوال سلطة العسكر، بدأت تفكر بإيجابيات دخولها الاتحاد الأوروبي، والذي ربما يقيد مطامعها في قبرص، أو بجوارها العربي، وآسيا الوسطى، لكنها تخشى قيام دولة كردية، قد تصبح على المدى البعيد شوكة في خاصرتها من الجهة العراقية، لكن انضمامها لتلك القارة ربما يعيق قيام مثل هذه الدولة، وإن ظلت أمريكا تغازل الأكراد بمشروع قد يكون مؤجلاً لظروف الواقع الراهن.. إيران في حالة نزاع مع الغرب الأوروبي والأمريكي، بسبب راديكاليتها وخطورة امتلاك سلاح نووي، وهذه السياسة قد تتغير إذا شعرت إيران أن لها مصالح تغيب في الحاضر، وقد تلتقي بالمستقبل مع أعداء الزمن الراهن وقد يعزز التقارب مشكلة المأزق الأمريكي بالعراق، وإيران، وإن ظلت أمريكا تخشى من تنامي تمددها لتكون دولة إقليمية رئيسية لا تحتاج للغرب كحليف، إذا ما تلقف هذه الفرصة دول مثل روسيا والصين، والهند بتقاسم المصالح والنفوذ. إسرائيل لا تحتاج إلى توصيف، أو إضافة معلومات صارت معروفة لمختلف الطبقات العربية حتى الأميين منهم، مقابل هذا الواقع المتنامي، والذي قد يفرض على العرب التعاطي مع قضايا معقدة بسبب شللهم وعجزهم عن وجود توافق على الحدود الدنيا في الأمن والتنسيق السياسي، والعسكري، وقد يواجهون مخاطر المستقبل ليس أمام قضية إسرائيل فقط، وإنما بمواجهة دولتين لا تخفيان مطامعهما الإقليمية، وإرث التاريخ الامبراطوري لهما، وإمكانات إعادتها على حساب تركة العربي المريض.. من يقرأ الواقع العربي، فإنه يجد مبررات التقسيم، وخلق كيانات متعادية دينياً، وقبلياً، وحتى عرقياً، وتذهب به الشكوك إلى أننا نمر بمرحلة دويلات الطوائف، والحكاية ليست أحجية، أو تنبؤات وصلتنا من بصّارين وسحرة وإنما من واقع عربي لم يستطع بعدُ قراءة وضعه الداخلي، ولاما يحيط به من مخاطر قد تجر المنطقة إلى حروب الألف عام..