عندما صارت مناهجنا الدراسية غير قادرة على استيعاب مستجدات العصر وثورة المعلومات التي جعلت هذا الكون الشاسع مجرد قرية صغيرة بات من الضروري إعادة النظر في مضمون بعض الكتب التعليمية المقررة وتغييرها بما يتناسب مع التطور السريع والتقدم التكنولوجي وسيطرة (المكننة) أو (الكمبيوتر) على كافة مجالات الحياة ولم تكن الرغبة في مسايرة التطور هي السبب الوحيد لتغيير المناهج وإنما دعت الظروف التي مرت بها بلادنا والتطرف الديني الذي ساد بين بعض شباب امتنا وظهور ظاهرة الإرهاب الغريبة عن مجتمعنا المسلم سبباً آخر دعا القائمين على التعليم إلى مراجعة المناهج والتأكد من خلوها من أي شيء يشير ولو تلميحاً إلى الدعوة إلى التطرف الديني أو الإرهاب حماية لأبناء وبنات الجيل القادم من الفكر المنحرف وبفضل الله تعالى قطعت وزارة التربية والتعليم شوطاً كبيراً في تغيير المناهج الدراسية وتم تزويد كافة المدارس بالطبعات الجديدة لتلك المناهج المطورة وصدرت التعليمات بضرورة التأكد من وجود الطبعات الجديدة للمقررات الدراسية بين أيدي جميع الطالبات ومن هنا سعت المدارس إلى التخلص من الكتب الدراسية القديمة بطريقة متباينة وقد جمعتني لقاءات مع بعض الأخوات مديرات المدارس في مناسبات مختلفة ودارت بيننا أحاديث تناولت مواضيع شتى ودائماً الأحاديث بين المديرات ذات شجون وكان مما دار بيني وبين بعض الأخوات مديرات المدارس طريقة للتخلص من الكتب القديمة فهناك من تقوم بإرسالها إلى شركات ومصانع تدوير الورق وهناك من تلقي بها في حاويات النفايات ومنهن من تقوم بحرقها وأجابتني إحداهن بأنها تسلم الكتب إلى مركز الدعوة والإرشاد فسألت محدثتي: ماذا تفعل مراكز الدعوة بهذه الكتب الملغاة؟ فأجابت - والعهد على الراوية - بأن مراكز الدعوة تُهدي هذه الكتب إلى بعض الجاليات وخاصة الكتب الدينية فتبادر إلى ذهني تساؤلات عدة ماذا لو سافرت تلك الكتب على أيدي هذه الجاليات إلى خارج حدود الوطن وهي تحمل بين دفتيها رأياً متشدداً أو فكراً متطرفاً أخذ بالعسير من الأمور وترك اليسير منها؟ ألن يكون في هذا تهمة جديدة تضاف إلى قائمة التهم المعلبة والجاهزة التي تُشير إلينا بها أصابع الأعداء؟ ألن نُتهم بتصدير الفكر المتطرف إلى خارج الحدود بعد أن عانينا منه في الداخل؟ وهل ما في هذه الكتب يتناسب مع الصورة التي يعمل كل غيور على هذا الوطن الغالي على تجميلها وإظهارها في أحسن مظهر. من هنا أتمنى على أخواتي مديرات المدارس التنبه إلى هذا الأمر الخطير وعدم تسليم الكتب القديمة إلا إلى جهة واحد فقط هي مستودعات إدارة التعليم لتتولى هذه إتلافها أو تدويرها.