كشفت وثيقة أمريكية جديدة مسربة نشرها موقع "ويكيليكس"، أن مسئولين بريطانيين وأمريكيين بذلوا جهوداً حثيثة من أجل تغيير المناهج الإسلامية في الآلاف من المدارس الدينية الموجودة في بنجلاديش. وذكرت الوثيقة التي صدرت عن السفارة الأمريكية في العاصمة البنغالية دكا بتاريخ 13 مايو 2009، :"أن مسئولي الحكومة البريطانية يتحركون نحو التأثير على المدارس الإسلامية في بنجلاديش وتغيير المناهج التي يتم تدريسها للطلاب كجزء من الإستراتيجيات الإقليمية لمكافحة الإرهاب، باعتبار أن هذه المناهج تحض على التطرف من وجهة نظر لندن"، وفقا لما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية. وعرضت الوثيقة المسربة مناقشات جرت بين السفير الأمريكي في دكا جيمس موريارتى ومسئولين بريطانيين حول "التكتيكات" التي سوف يتبنوها معا لمواجهة "الإرهاب" في بنجلاديش. كما أعلن الأمريكان والبريطانيون، تأييدهم لخطط رئيسة الوزراء البنغالية السابقة الشيخة حسينة لوضع وتنفيذ منهج موحد للمدارس الإسلامية غير المسجلة، بحسب الوثيقة الأمريكية. وأفادت البرقية الدبلوماسية أن تعاوناً وقع بين وزارة التنمية البريطانية وهيئة المعونة الأمريكية؛ لتغيير المناهج الدراسية في الآلاف من المدارس الدينية في بنجلاديش، في إطار برنامج أطلقوا عليه "برنامج تطوير المناهج الدراسية"، وفيه تم تقديم نحو 1207 اقتراحات للحكومة البنغالية لتغيير المناهج الدراسية في هذه المدارس الدينية. وبينما رفضت وزارة التنمية البريطانية التعليق على ما ورد في الوثيقة الأمريكية، اعتبر الدكتور غيث الدين صديقى، الباحث في المعهد الإسلامي في لندن أن "تدخل بريطانيا كان بمثابة محاولة لمنع تطرف الشباب المسلم في جنوب آسيا، وهى مشكلة قديمة جدا"، مضيفا "كان هناك حاجة ملحة للنظر في المناهج الدراسية في المدارس الدينية غير المسجلة منذ فترة طويلة جدا". مدارس بنجلاديش الإسلامية: وبحسب إحصائيات أجنبية غير رسمية يوجد نحو 64 ألف مدرسة دينية في بنجلاديش، بينما تقول مصادر بنغالية إنهم 24 ألف مدرسة دينية فقط. وينظر إلى المدارس الدينية في بنجلاديش باعتبارها جزءا هاما في نظام التعليم؛ حيث توفر التعليم المجاني في كثير من الأحيان للأطفال الفقراء الذين يعجز آباؤهم عن إرسالهم للمدارس التقليدية. لكن من بين هذه المدارس الدينية يوجد نحو 15 ألف مدرسة دينية غير مسجلة؛ تسبب قلقا كبيرا للحكومة؛ التي دائما ما تكرر أن مستوى التعليم الذي تقدمه هذه المدارس، أقل من المعدل المتوسط، فضلا عن انتقادها للمناهج التي ينتج عن تدريسها "أطفال متطرفون إثر توفير معسكرات تدريب جهادية لهم". اتهامات دائمة: وتواجه المدارس الدينية في عدد من الدول الإسلامية، مثل: بنجلاديش، وباكستان، وأفغانستان، اتهامات دائمة، خاصة من جانب الغرب، بأنها "معمل التفريخ الرئيسي للإرهابيين والمتطرفين" في المنطقة بأسرها، إلا أنها تنال بوجه عام ثقة أولياء الأمور، وحتى من جانب قطاع عريض ممن كانوا يرونها لا ترقى إلى المستوى المطلوب. وبدأ مطلب تغيير المناهج الدينية في بعض الدول الإسلامية، لكونها "تحض على التطرف" -من منظور غربي - يظهر بقوة على لسان الحكومات الغربية، وفى مقدمتها الإدارة الأمريكية، في أعقاب هجمات سبتمبر 2001. فرق الموت: ولم يقتصر تعاون بريطانيا والولايات المتحدة على محاولة تغيير المناهج الدراسية في المدارس الإسلامية في بنجلاديش، بل تطرقت الوثيقة إلى عدة مجالات للتعاون فيما بينهما لمكافحة الإرهاب من بينها تدريب بريطانيا لمجموعة من العسكريين أطلقت عليهم منظمات حقوق الإنسان "فرق الموت الحكومية". و"فرق الموت" أو "كتيبة التدخل السريع" مجموعة عسكرية تابعة للأجهزة الأمنية البنغالية تكونت منذ 6 سنوات، وتتهمها جمعيات حقوق الإنسان بالقيام بعمليات قتل خارج إطار القانون في السنوات الأخيرة، كما أنها تستخدم أساليب التعذيب أثناء عمليات المداهمة. ووفقا للوثيقة الأمريكية فإن أحد أفراد الكتيبة - الذي كان مسئولا عن المئات من عمليات القتل خارج القانون- قال إنهم تلقوا تدريباً في بريطانيا حول "تقنيات التحقيق والاستجواب"، و"قواعد الاشتباك".