خلال زياراتي المتكررة لمدينة عرعر المفضلة لدى «الكشاته» في الشتاء القارص، لم أكن أتوقع أن يتم الحديث بهذه السرعة والمعرفة عن سوق الأسهم في الخيام المنصوبة ب «البر»..! في الماضي القريب كنت استمع في الطلعات البرية إلى أحاديث عن «الأمطار» و «الفقع» و «الحطب» و «الأغنام»، وكان الحديث لايمس الشأن الاقتصادي مباشرة، وخصوصا سوق الأسهم، وأكثر شيء كان يعكر متعة «الكشته»، الخروج بالأحاديث عن أجواء «البر»..! بل إن الأحداث الغريبة والقصص التي تحكى في جلسة «النار» الليلية عن «الكشاته» والمواقف التي يتعرضون لها، كانت بالنسبة للجميع محل تركيز وانتباه لايعادله أي حديث اجتماعي أو اقتصادي مهما كانت أهميته. وكان «المتسامرون» لايعني لهم شيئا عندما تكون تعمل محرراً اقتصادياً في جريدة، أو مدير بنك، أو مسؤولاً في شركة تُتداول أسهمها في سوق الأسهم المحلي ..! إلا إنني لاحظت في هذه الزيارة التي لايفصلها عن الزيارة التي قبلها سوى أشهر قليلة، أن الحديث الآن في « البر » منصب فقط على «المؤشر العام» و «التصحيح» و «جماز السحيمي» وبعض التحليلات «المنطقية» عن صعود ونزول الأسهم، ومهما حاولت أن تنقل الحديث إلى موضوعات أخرى أقل جموداً من الاقتصاد، إلا أن الجميع يرغب في الحديث عن سوق الأسهم والاكتتابات الجديدة، ويسألونك عن كل شي يتعلق بعملك وصلته بالأسهم..! الناس في عرعر غير راضين عن أداء هيئة السوق المالية، ويعتبرونها لاتتواكب وضخامة السوق، ويصفونها بأنها ضعيفة، وأنها تسببت في خسائر لهم، ويدللون على ذلك بما حدث لأسهم بعض الشركات، والازدحام الذي شهدته بعض الاكتتابات خلال العام الماضي، ويستغربون من حصول بعض المتعاملين على معلومات «مربحة» عن أسهم عدد من الشركات، بينما هم آخر من يعلم، ومع ذلك فإن سوق الأسهم، وصالات التداول بالنسبة لهم أكثر متعة من طلعة «البر».! هذا التحول الكبير في حياة الناس نحو الاستثمار والاطمئنان له، وتنامي أعداد الداخلين يوميا في قطاعي الأسهم والعقار، يتطلب الحذر من ردة الفعل عندما يحصل انهيار مفاجئ للقطاع الأول، وعدم التزام بالتصفية للقطاع الثاني، خصوصاً إذا علمنا أن غالبية المستثمرين في هذين القطاعين «صغار»، وأنهم رموا كل البيض في سلة واحدة!. [email protected]