يستدعي الزمن اليوم أفراحه التي أدمنت الغياب. وعشقت حرية الهروب والاستكانة بعيداً عن أعين المتلصصين، والمتخيلين دائماً أن الصفحة الأولى في الكتاب هي كل الصفحات. وأن الدهر لا يمتلك أوراقاً للامتحان. وليست لديه حيلة غير ذلك سوى الوقوف حتى تُفتح العناوين. يُستدعى الفرح كعادته بهدوء وحزن لدى كثير من الناس هذه الأيام. يأتي كما يأتي كل عام. جميلاً مُبهجاً للبعض خالياً ن كل ألم فاتحاً صفحات جديدة من صفحات استمرارية أفراحهم. يأتي كما يأتي كل عام. ولكنه حزيناً موجعاً للبعض يسأل عنهم، ويدقق في ملامحهم التي يجول الحزن بها ويتسكع الوجع في أوردتها يصدقون أن العيد قد حضر كيف لا يصدقون؟ والمدن تترجل وتستقبله والأطفال مبهورون بلباسهم الجديد ومن لا يحملون الهموم يستدرجونه كعادتهم لينزرعوا داخل مفرداته وتفاصيله وحدهم هم من فقدوا الأعزاء وغاب عنهم الأحباب تتعب وأنت تمارس التفكير وتريد أن تصدق أنك من الممكن أن تتشح بليل أمل طال تعلقك به. تستدعي داخلك تتذكر من اعتادوا على سرقة النهار، والمدن، والليل ومن اعتادوا سرقة الجذور. والأوسمة. تعود إلى اللحظة المحكمة الإغلاق تحاول أن تستظل بفضائها المضيء تتوسد به. تستعمره برفض داخلي بأنه هو من يستعمرك غائبون، ولكنهم يفتحون نوافذ على العالم. رغم إحكام الدائرة للمكان طعم آخر، وللزمان كذلك طعم أكثر اختلافاً. هذه اللحظة الميتة، والمنغلقة تبدو أكثر قدرة على أنسنة المكان، وفتح أبوابه لاحتواء الآخر أتصفح أناملي تغافلني لحظات من الفنتازيا يبدو الميدان أكثر اتساعاً تتكاثر به التشكلات الذهنية وأروقة الأزقة الضيفة التي يتقاتل في داخلها أطفال ونساء وشيوخ، ثم يصمتون فجأة، ثم يعاودون الاقتتال. تشرق الشمس، وتغيب، وتحملهم الأمواج، وتعيدهم. يشربون قهوتهم، وتتغير جغرافية المكان. لكن الوجوه تعود كما هي لا تكتفي بالمشاهدة والصراخ ولكنها تصر على الاقتتال من أجل كثير من الأحلام المفتعلة.