من الأعمال الرئيسية التي عرضت هذا العام على شاشة التلفزيون يبرز المسلسل الذي كثر الحديث عنه وهو (الحور العين) وقد سبق العمل قبل عرضه بهالة اعلامية كبيرة ورصدت له ميزانية ضخمة كما صرح بذلك القائمون على العمل.. وربما لأننا مازلنا نفتقد لعمل ضخم يخدم قضية شائكة كالإرهاب وتدور احداثه في مدينة الرياض فقد راهنا من البداية على نجاح العمل وترقبنا عرضه خاصة ان مخرج العمل هو نجدت انزور الذي عرفناه برصيد سابق من الاعمال المميزة.. ولكن ومنذ الحلقات الأولى للعرض يلاحظ المتابع وبشكل واضح الابتعاد بالعمل عن محوره الأساسي وتغييب شبه كامل للفرد السعودي والاكتفاء بإظهاره بصورة الإرهابي الشرير المغرر به، ورغم أن الأحداث تدور في مدينة الرياض إلا انه تم تجاهل السعوديين وكأنهم كشعب لاشيء يذكر بحقهم.. فالمجمع السكني والمدارس والشركات تبدو خالية منهم إلا ماندر، وحتى لو أردنا الحديث من الناحية الفنية فأين البراعة في رسم الواقع الحقيقي بطريقة مقنعة وأين المنطقية في بلد يخلو من سكانه؟!.. العمل ككل لا يدل على مجهود واضح يتوازى مع حجم القضية التي يطرحها ويبدو ذلك واضحاً من خلال الشخصيات الموجودة في المسلسل والتي لم تخدم العمل بقوة ولم تُشكل بطريقة احترافية مقنعة تكسب من خلالها تعاطف المشاهدين، ولم تستغل الحوارات في المسلسل على كثرتها بشكل ديناميكي هادف أو لترسيخ أفكار محددة لخدمة القضية الأساسية اضافة الى الرتابة في سير الاحداث والمط الزائد في اكثر المشاهد.. وربما أن المخرج ركن على أن مشاهد الدمار التي ستظهر في إحدى الحلقات ستلهب مشاعرنا وتجعلنا نقف إعجاباً بهذا العمل ونصفق له طويلاً ونحن من عانى كثيراً من الإرهاب واكتوى بناره.. الانحياز الواضح وتهميش دور الفرد السعودي السوي صاحب القضية الأساسية سواء كان رجلاً أو امرأة أو كأسرة وتغييبه بشكل شبه تام أدى لوجود حلقة مفقودة في العمل.. أيضاً هناك تسطيح للفكرة وحصرها في أُطر ضيقة بتجاهل الأدوار المختلفة بما فيها الاجتماعية والفكرية والتربوية التي ساهمت في نشوء ظاهرة كهذه في مجتمعنا.. صورة الفرد السعودي ستظل مهزوزة في العالم مادام أن هناك من يعزز هذه النظرة السلبية ويسعى لترسيخها في الأذهان بدون ان يبين ان هذا جزء مريض من جسد صحيح متعافى.. كُنا نتمنى أن يكون هناك عمل يحمل رسالة وقيمة حقيقية في هذه الوسيلة الإعلامية الهامة وعلى أكثر الفضائيات حضوراً.. وكنا نتمنى - والأماني كثيرة - أن يساهم هذا العمل أو غيره بشكل فعال في إظهار الصورة الحقيقية للإسلام وتنزيهه عن ما ربطه البعض به من غلو وتطرف وماجرته علينا الأفكار الخاطئة، والبعد عن جوهر العقيدة الصحيحة من ويلات...