رغم الهدوء الذي ساد السوق العقاري منذ سنتين وانحسار التداول بشكل متفاوت وصل الى حدوده الدنيا وربما هو الأكثر هدوءًا من ذي قبل، الا ان هذا الامر كان متوقعا. الأسباب متباينة منها ما يخص القطاعات الحكومية والقرارات التي صدرت عنها سعيا وراء تنظيم السوق وتنفيذ مشاريع الإسكان مما جعل الناس تنتظر، ومنها ما يخص عزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في السوق العقاري وتحديدا السكني، يضاف لها صاحب الشأن الذي أُجبر على التوقف بسبب ارتفاع الأسعار وعدم توفر الأرض والتمويل. مثل هذا الركود طبيعي في سوق عاش مرحلة طويلة من التناقض ويعاني من عدم التنظيم والاحتكار والاندفاع والعشوائية، وهذا الركود عكس ما كان عليه عام 2009 م عندما كان التداول على مدى ثلاث سنوات على أشده بلا هوادة وتركيز وباندفاع من الجميع مع ارتفاعات فلكية. البناء ليس سهلاً كالهدم فهو يحتاج الى موارد ووقت حتى يتم إنجازه بشكل جيد ومتكامل، فأي مشروع سكني ذي جودة يحتاج الى سنتين او ثلاث لإنجازه، فكيف بوضع السوق العقاري الذي يحتاج الى الوقت والموارد حتى تؤتي القرارات الحكومية نتائجها الخاصة بتنظيم السوق والسعي لتمكين المواطنين من التملك، وكذلك مشاريع الدعم السكني التي تنفذها وزارة الإسكان التي أخفقت في بداية انشائها وتسببت في زيادة ارباك السوق وعدم القدرة على تنظيمه. التطورات تتلاحق وسيصل السوق العقاري الى التوازن المنطقي للأسعار مقارنة بمستوى الدخل والقدرة الشرائية ولكنها مسألة وقت قد تمتد الى خمس سنوات عطفا على واقع السوق اليوم. تبقى مسألة الإحجام والاستمرار فيها من قبل كل الفئات المحتاجة للسكن سواء القادرة او غير القادرة، وقد لا تكون مجدية على المدى القصير والمتوسط. فهي لا تكفي لوحدها إذا لم يتزامن معها قرارات تنظيمية مثل رسوم الأراضي وإنجاز مشاريع الإسكان وقروض الصندوق العقاري، وتوفر التمويل الميسر من البنوك وجهات التمويل، ودخول مستثمرين ومطورين جدد للسوق العقاري. هناك أناس كان لديهم فرص للتملك نقدا او بالاقتراض او عن طريق الصندوق العقاري منذ 5 سنوات وانتظروا واستمروا على الايجار وارتفعت الأسعار تملكا وايجارا ولم تنخفض وفقدوا الفرصة. اليوم يعيشون الامل في عودة الأسعار الى مستوياتها القديمة، وآخرون أقدموا وتملكوا اعتمادا على الحاجة رغم قناعاتهم بارتفاع الأسعار الا انهم ارتاحوا نفسيا وتخلصوا من الايجار. هي ليست دعوة الى الاحجام او الى الشراء فكل انسان يملك قراره بيده وهو من يعرف نفسه ويقيّم مدى قدرته وحاجته الى التملك من عدمها. المطلوب هو تحكيم العقل بعيدا عن العاطفة والانجراف خلف الآراء التي قد تكون خاطئة وعن حسن نية وربما مضللة ولأهداف شخصية.. متى أتيحت الفرصة وترى انها مناسبة فلا تتردد.