من ينظر إلى واقع المرأة في بلادنا يجدها بفضل الله ثم بفضل قيادة هذه البلاد وإنسانها ومجتمعها قد كَسَرت قيودا كثيرة كانت تحاصرها فخرجت إلى مجال العمل الوظيفي والعمل الخاص، وتمكنت من البوح بشعرها وكتابتها فأصدرت الدواوين والمجموعات القصصية والكتب المعمقة والروايات وأبهرت المشاهد هنا وأحيانا عالميا بلوحاتها وتصويرها، وحصدت جوائز محلية وأخر عربية وأخرى عالمية في فنون مختلفة مما احتضن إبداعها، ونالت في المجالات العلمية والتخصصية جوائز عالمية، لكن النظرة إلى تقدمتها وتحفيزها في الأندية الأدبية والجامعات لا تكافئ ما أنجزت، بل إنها أحيانا (جزاء سنمّار)، وسأشير إلى حالات في الأندية الأدبية من مثل: ليس هناك تفكير في أن ينتخب أعضاء مجلس إدارة إحدى العضوات رئيسا للنادي، بل أذكر أن عضوة بأحد الأندية خاطبت باحثين وأنا منهم لاستقبال أبحاث ملتقى سمح لها النادي أن تشرف عليه، بعد مضي أشهر جاءتنا خطابات أخرى تطلب إعادة إرسال عناوين الأبحاث وملخصاتها تحت توقيع عضو ذكر بوصفه رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى. ومن باب تداعي سياق هذه الحال ما لُحظ على بعض الأندية بعد مضي عدة أشهر من الانتخاب من عمل على التضييق على زميلاتهم العضوات، والتكتل ضد أصواتهن، والإتيان أحيانا بلجان بديلة تحمل المسؤوليات المُناطة بهن. وفي الجامعات نافست المرأة وحصلت على جوائز وبراءات اختراع، لكنها أيضا في هذا المجال التنويري الحيوي يُمارس عليها الإقصاء والتهميش، فلم نسمع عن اختيار عضوة هيئة تدريس تُشرف على أبنائنا وبناتنا المبتعثين، ولا كذلك شريكة في أعضاء لجان التعاقد، ولم نسمع مثلا ونحن نمارس التعليم عن طريق الشبكة المغلقة بين الرجال والنساء أن عضوة هيئة تدريس تناقش طالبا ذكرا أو عضوة هيئة تدريس تُشرف على طالب ذكر. وما أعلمه أن المجالس العلمية في الجامعات حكرت العضوية على الرجال، ما عدا الجامعات التي خصصت للنساء. وكذلك مجالس الجامعات وعماداتها التنسيقية لا يوجد فيها امرأة. وإني لأتساءل أيضا: هل هناك مانع أكاديمي أن ترأس المجلس العلمي امرأة بدرجة أستاذ. بدلا من أستاذ مشارك ؟ ومن خلال مروري في عملي الوظيفي رئيسا لهيئة تحرير مجلة جامعة الطائف للعلوم الإنسانية وقفت على جهد المرأة الباحثة بوصفها ناشرة بحث، وبوصفها مُحكِمة، وأحيانا مدُققة للأبحاث. وهذا يؤكد مشروعية تساؤلي لمَ لا تكون عضوة هيئة تحرير للمجلة ؟ ولمً لا تكون رئيسا؟! إن هذا الواقع للمرأة الأكاديمية يظهر مفارقة لما ينبغي أن يكون للمرأة من تحفيز ومكافأة على الإنجاز واستثمار لقدراتها التخصصية والأكاديمية التي يتفوق فيها بعضهن على بعضنا. إننا ما لم نذوِب الذكورية الرعناء في هذين الحقلين التنويريين (الجامعات والأندية) نجعل الحقلين في مفارقة لما يُرجى منهما ؛ بل يتحولان إلى مخرجي رسائل تنكص عما حققه المجتمع، وما أنجزته جهود المرأة.