حينما هبّت هبوب عاصفة الحزم كان أول ما تساقط أمامها وفي غبار طائراتها تلك الأوراق الصفراء اليابسة في أشجار الزقّوم الطائفيّة. كلنّا عرفنا قنوات "رخيصة" مثل "النبأ" و"اللؤلؤة "و"المسيرة "وسيدتهما "المنار" كمكائن لضخ الفتنة، ورأينا كيف يتراقصون على قرع الطبول الفارسية في طهران. ولعل من أوضح بركات "عاصفة الحزم" أنها حين حزمت حسمت فعرفنا المزيد عن أبواق ما يسمى إعلام الممانعة والمقاومة شكلاً ومضموناً. وبطبيعة الحال لن يكون المقال هنا عمّن يظهرون عبر إعلام بشار الأسد من "الأزلام والأقزام" فظروف سورية اليوم تلزم العاملين في الإعلام السوري بخيارين: إما أن يكونوا شبيحة للنظام، أو أدوات بلهاء تردّد ما تكتبه أفرع المخابرات في المحافظات السوريّة. وما يهم هنا ليس هؤلاء بل طغمة أخرى من مرتزقة الإعلام حول نيران الفتن والصراعات في عالمنا العربي. على سبيل المثال هل سمعتم بكائن لبناني يقفز من قناة إلى أخرى اسمه "ناصر قنديل" ربيب "الاستخبارات العسكريّة السوريّة في لبنان" الذي عيّنه "رستم غزاله" في وظيفة "شبيح" مع مرتبة "القرف". وظيفة "قنديل" هي في تسخير قدراته وقاموسه للدفاع عن القتل والسحل في سورية، وتسويق الدجل والخداع الذي يصدره "معلمه" حسن نصر الله. وليت "قنديل" اكتفى بتقبيل ركبتي "سماحة السيد" بل مما كتب وبثّ رسالة عنوانها "إذا جاء نصر الله" مبتذلاً فيها "كتاب الله" ليتحدث عن كاهن الضاحية بكل ما يغضب الله. أما الرقص على جراح السوريين فقد تردّى قنديل إلى هاوية الانحطاط وهو يهتف للممانعة على مشاهد جثث آلاف الأطفال الذين يقتلهم "بشار" بالكيماوي والبراميل المتفجرة. أما المكافأة من "بشّار" فأحد وجوهها أن يعهد النظام السوري إلى قنديل "اللبناني" بعقد تزويد السوريين حصرياً بأخبار "سورية" عبر شبكة الاتصال السوريّة "سورياتل" ليدفعوا ثمن الاشتراك من كرامتهم قبل أموالهم التي لم تعد تكفي حتى لشراء رغيف الخبز.. هذا إن وُجِد. وإذا أردت المزيد من نماذج "الشبيحة" في دائرة السقوط فابحث عن "رفيق نصر الله" و"فيصل جلول" وعرّج على "إبراهيم الأمين" "وغسّان جواد" و"فيصل عبدالساتر" ولا تنس البعثي البائد "فايز شكر" ولا بأس من متابعة تقلّبات "وئام وهاب" ويمكن أن تحمد الله وأنت تقرأ أسعد أبو خليل. ومع ضعف الإعلام الممثل للضمير اللبناني النقي نجد الإعلام "الشبيح" في "لبنان" يحوّل هذا البلد الوديع إلى منابر متاحة لكل شريك في الظلم والقتل والدجل. ولكن مما يشرح جانباً من المأساة قصّة طريفة حدثت قبل سنوات بعيدة حين التقيت في مناسبة ثقافيّة الصحافي اللبناني إميل الحايك صاحب "دار الخواطر" وكنت أشاغبه بالأسئلة عن شخصيّة "الإعلام" اللبناني وانتماءاته. وقد روى الحايك قصصاً وأسماء كثيرة ليس المجال لذكرها. ولكن مما يستحق الرواية والاعتبار اليوم حادثة طريفة ذكرها "الحايك" حدثت لوفد نقابة الصحفيين اللبنانيين أثناء زيارتهم "للرئيس" شارل الحلو أوائل السبعينيات إذ ما إن جلس الجميع حتى بادرهم "الحلو" مرحّباً ومتهكّماً ومتألماً "أهلاً وسهلاً بممثلي الأنظمة العربيّة في بلدهم الثاني لبنان". وليست لبنان وحدها الممتحنة بهؤلاء "الممانعين" لكل خير حتى بعض دول الخليج لم تسلم من الشبيحة. وعلى سبيل المثال لدينا "علقمي" بشخصيّة "ارجواز" كويتي اسمه "عبدالحميد دشتي" يتلقى أوامره من دمشقوطهران بلا حياء. "دشتي" هذا أصبح فجأة من كبار رجال الأعمال في الكويت وسورية ويدعم قنوات الفتنة وهو الذي تجرأ بتوزيع دستور القاتل بشار الأسد في مجلس الأمة الكويتي أوائل 2012. وهو أيضاً من سمّى مسرحيّة تجديد انتخاب "بشّار" عرساً وطنيّاً وواحدة من أنظف الانتخابات في العالم! و"دشتي" المنحدر من مقاطعة "دشت" في محافظة بوشهر في "إيران" هو أيضاً صاحب التصريح الشهير الذي يقول فيه: "إن الخطر على الكويت يأتي من السعوديّة وليس من إيران"!! * مسارات قال ومضى: "الضمير النقي لا يعرض في الأسواق".